274

Ikhtilaf Athar

Genres

============================================================

هذا ولقد درج بعض من أصحاب المذاهب الأخرى على أن الشافعي قد استدل على وجوب الترتيب بأن الواو دالة عليه ؛ فهي موضوعة للترتيب ؛ وبأن الفاء في فاغسلوا دالة على التعقيب والترتيب ، ثم أخذوا يجهدون أنفسهم للرد على هذين الدليلين ، مع أن هذين الدليلين ليسا هما من الأدلة المعتبرة عندهم ، وأما الأدلة المعتبرة عندهم فلم يتعرض جلهم لمناقشتها والرد عليها .

قال النووي في المجموع : وذكر أصحابنا من الآية دليلين آخرين ضعيفين لا فائدة في ذكرهما إلا للتنبيه على ضعفهما لثلا يعول عليهما : أحدهما : أن الواو للترتيب ، ونقلوه عن الفراء وثعلب . وزعم الماوردي أنه قول أكثر أصحابنا ، واستشهدوا عليه بأشياء ، وكلها ضعيفة الدلالة ، وكذلك القول بأن الواو للترتيب ضعيف . قال إمام الحرمين في كتابه الأساليب : صار علماؤنا إلى أن الواو للترتيب ، وتكلفوا نقل ذلك عن بعض أنمة العربية ، واستشهدوا بأمثلة فاسدة ، قال : والذي نقطع به أنها لا تقتضي ترتيبا ، ومن ادعاه فهو مكابر : فلو اقتضت لما صح قولهم تقاتل زيد وعمرو ، كما لا يصح تقاتل زيد ثم عمرو ، وهذا الذي قاله إمام الحرمين هو الصواب المعروف لأهل اللغة وغيرهم : اليل الثاني : نقله أصحابنا عن أبي علي بن أبي هريرة : ونقله إمام الحرمين عن علماء أصحابنا ، أن الله تعالى قال : "اذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم" فعقب القيام بغسل الوجه بالفاء ، والفاء للترتيب بلا خلاف ، ومى وجب تقديم الوجه تعين الترتيب ، اذ لا قائل بالترتيب في البعض ، وهذا استدلال باطل: وكأن قائله حصل له ذهول واشتباه فاخترعه وتوبع عليه تقليدا : ووجه بطلانه ان الفاء وان اقتضت الترتيب لكن المعطوف على ما دخلت عليه بالواو مع ما خلت عليه كشيء واحد ، كما هو مقتضى الواو ، فمعنى الآية اذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا الأعضاء فأفادت الفاء ترتيب غسل الاعضاء على القيام إلى الصلاة ، لا ترتيب بعضها على بعض ، وهذا مما يعلم بالبديهة ، ولا شك في آن السيد لو قال لعبده اذا دخلت السوق فاشتر خبزا وثمرا ؛ لم يلزمه تقديم الخبز ،

Page 274