ولما هجم (¬8) هؤلاء الكفرة من الفرنج لعنهم الله ، ( في محرم سنة سبع وستين وسبعمائة ) على ثغر ( الإسكندرية ) على حين غفلة من أهلها ، وغيبة من نائبها (¬9) وجيشها ، وحراس بلادها وحزنها وسهلها ، (( فجاسوا حلال الديار وكان وعدا مفعولا )) وقدرا مقدورا ، فحازوا من الأموال ، وقتلوا من الرجال وسبوا من النساء والأطفال ، ممن تخلف بها عن الهرب وكان معذورا ، واحتملوا من المتاجر قناطير مقنطرة ، وساء لهم يوم القيامة حملا ، وبادروا إلى إحراز ذلك في مراكبهم التي ملئت غصبا وغضبا ، واستدرجهم القدر المقدور وأملى .
( فبينما) هم في غيهم وإفسادهم وكفرهم وعنادهم ( إذ أقبلت) رايات الإسلام وآيات العز والنصر عليهم تتلى ، فعندما تحقق اللعين المخذول قدوم السلطان ، فر كما يفر الشيطان من سماع الأذان ، وأبق إلى ملكه وولى ، وأقسم لو أقام حتى يدركه ومن معه من أوائل الجيش المحمدي لرشفتهم القداح ، وشجرتهم الرماح وقطعتهم الصفاح ، وصيرتهم كأمس الذاهب صرعى وقتلى ، ولكنه فر-كما ذكرنا - فرار العبيد إذا أبقوا ، وهرب عندما عاين فترة (¬1) الجيش الإسلامي هرب الخونة إذا سرقوا (¬2) .
Page 10