224

Al-Ījāz fī sharḥ Sunan Abī Dāwūd al-Sijistānī raḥimahu Allāh taʿālā

الإيجاز في شرح سنن أبي داود السجستاني رحمه الله تعالى

Publisher

الدار الأثرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Publisher Location

عمان - الأردن

Genres

Ḥadīth
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فيه الإلهية!! تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا. ولأن الولاية -وإن ظهر لها في الظاهر آثارٌ- فقد يخفى أمرُها؛ لأنها في الحقيقة راجعةٌ إلى أمر باطن لا يعْلمه إلا الله، فربما ادُّعِيَت الولايةُ لمن ليس بوليٍّ، أو ادعاها هو لنفسه، أو أظهر خارقةً من خوارق العادات هي من باب الشعوذة لا من باب الكرامة، أو من باب السيميا أو الخواص أو غير ذلك، والجمهور لا يعرفون الفرق بين الكرامة والسحر (أ)، فَيُعظِّمون مَنْ لَيس بعظيم، ويقتدُون بمن لا قدْوة فيه، وهو الضلال البعيد، إلى غير ذلك من المفاسدة فتركوا العمل بما تقدَّم -وإن كان له أصل-؛ لما يلزم عليه من الفساد في الدين.
وقد يظهر بأول النَّظر أن هذا الوجه الثاني أرجح؛ لما ثبت في الأصول العلمية: أن كل مزيَّة أعْطِيها النبي ﷺ، فإن لأمته أنموذجًا منها، ما لم يدل دليل على الاختصاص (ب)، كما ثبت أن كل ما عمل به ﵇؛ فإن اقتداء الأمة به مشروع؛ ما لم يدل دليل على الاختصاص.
إلا أن الوجه الأول أيضًا راجحٌ من جهة أخرى، وهو إطْبَاقُهم على الترك، إذ لو كان اعتقادُهم التَّشريع؛ لعَمِل بعضُهم بعده، أو عملوا به -ولو في بعض الأحوال-: إمَّا وقوفًا مع أصل المشروعيَّة، وإما بناءً على اعتقاد إنتفاء العلَّة الموجبة للامتناع.
وقد خرَّج ابن وهب في "جامعه" من حديث يونس بن يزيد عن ابن شهاب؛ قال: حدثني رجل من الأنصار: أن رسول الله ﷺ كان إذا توضأ أو تنخَّم؛ ابتدر مَن حوله من المسلمين وَضوءَه ونُخامَتَه، فَشَرِبُوه، ومسحوا به جلودهم، فلما رآهم يصْنَعُون ذلك؛ سألهم: "لم تفعلون هذا؟ ". قالوا: نلتمس الطهور والبركة بذلك. فقال لهم رسول الله ﷺ: "من كان منكم يحب أن يحبَّه الله ورسوله؛ فلْيَصْدُق الحديث، ولْيُؤدِّ الأمانةَ، ولا يُؤذَ جاره" (ج). فإنْ صَح =

(أ) انظر هذه الفروق في كتابي "فتح المنان في جمع كلام ابن تيمية عن الجان" (٢/ ٥٦٣ - ٥٦٤)، نشر الدار الأثرية، الأردن.
(ب) انظر هذه القاعدة مُؤَصَّلة مفصَّلة في "الموافقات" (٢/ ٤٠٨ - ٤٠٩ - بتحقيقي).
(ج) الحديث صحيح بشواهده، كما بينته في تعليقي على "الاعتصام" (٢/ ٢٩١ - ٢٩٢) وانظر "السلسلة الصحيحة" (٢٩٩٨).

1 / 229