والعباس يتدافعان ويختصمان في ميراث النبي صلى الله عليه وآله فقال أبو بكر يكفيكم القصير الطويل يعني بالقصير عليا وبالطويل العباس فقال العباس أنا عم النبي صلى الله عليه وآله ووارثه وقد حال علي بيني وبين تركته.
فقال أبو بكر فأين كنت يا عباس حين جمع النبي صلى الله عليه وآله بني عبد المطلب وأنت أحدهم؟ فقال أيكم يوازرني ويكون وصيي وخليفتي في أهلي ينجز عدتي ويقضي ديني فأحجمتم عنها إلا علي ، فقال النبي صلى الله عليه وآله أنت كذلك.
فقال العباس فما أقعدك في مجلسك هذا تقدمته وتأمرت عليه قال أبو بكر اعذروني يا بني عبد المطلب0
وروى رافع بن أبي رافع الطائي عن أبي بكر وقد صحبه في سفر قال قلت له يا أبا بكر علمني شيئا ينفعني الله به قال قد كنت فاعلا ولو لم تسألني ( لا تشرك بالله ) شيئا وأقم الصلاة وآت الزكاة وصم شهر رمضان وحج البيت واعتمر ولا تأمرن على اثنين من المسلمين.
قال قلت له أما ما أمرتني به من الإيمان والصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة فأنا أفعله وأما الإمارة فإني رأيت الناس لا يصيبون هذا الشرف وهذا الغنى والعز والمنزلة عند رسول الله إلا بها قال إنك استنصحتني فأجهدت نفسي لك.
فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله واستخلف أبو بكر جئته وقلت له يا أبا بكر ألم تنهني أن أتأمر على اثنين؟ قال بلى قلت فما بالك تأمرت على أمة محمد صلى الله عليه وآله قال اختلف الناس وخفت عليهم الضلالة ودعوني فلم أجد من ذلك بدا.
وروي أن أبا بكر وعمر بعثا إلى خالد بن الوليد فواعداه وفارقاه على قتل علي عليه السلام وضمن ذلك لهما فسمعت ذلك الخبر أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر في خدرها فأرسلت خادمة لها وقالت ترددي في دار علي وقولي له الملأ ( يأتمرون بك ليقتلوك ) (1) ففعلت الجارية وسمعها علي عليه السلام فقال رحمها الله قولي لمولاتك فمن يقتل الناكثين والمارقين والقاسطين؟
ووقعت المواعدة لصلاة الفجر إذ كان أخفى واختيرت للسدفة (2) والشبهة فإنهم كانوا يغلسون (3) بالصلاة حتى لا تعرف المرأة من الرجل ولكن ( الله بالغ أمره ) وكان أبو بكر قال لخالد بن الوليد إذا انصرفت من صلاة الفجر فاضرب عنق علي فصلى إلى جنبه لأجل ذلك وأبو بكر في الصلاة يفكر في العواقب فندم فجلس في صلاته حتى كادت الشمس تطلع يتعقب الآراء ويخاف الفتنة ولا يأمن على نفسه فقال قبل أن يسلم في صلاته يا خالد لا تفعل ما أمرتك به ثلاثا
Page 89