كان يأكل الجشب (1) ويلبس الخشن وكان الناس عنده قرشيهم وعربيهم وأبيضهم وأسودهم سواء في الدين وأشهد أني سمعته يقول من ولي سبعة من المسلمين بعدي ثم لم يعدل فيهم لقي الله وهو عليه غضبان فليتني يا عمر أسلم من عمارة المدائن (2) مع ما ذكرت أني أذللت نفسي وامتهنتها فكيف يا عمر حال من ولي الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وإني سمعت الله يقول : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ) (3).
اعلم أني لم أتوجه أسوسهم وأقيم حدود الله فيهم إلا بإرشاد دليل عالم فنهجت فيهم بنهجه وسرت فيهم بسيرته (4).
واعلم أن الله تبارك وتعالى لو أراد بهذه الأمة خيرا أو أراد بهم رشدا لولى عليهم أعلمهم وأفضلهم ولو كانت هذه الأمة من الله خائفين ولقول نبي الله متبعين وبالحق عاملين ما سموك أمير المؤمنين ( فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ) ولا تغتر بطول عفو الله عنك وتمديده بذلك من تعجيل عقوبته.
واعلم أنك سيدركك عواقب ظلمك في دنياك وآخرتك وسوف تسأل عما قدمت وأخرت والحمد لله وحده.
احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام على القوم لما مات عمر بن الخطاب وقد جعل الخلافة شورى بينهم (5)
لا. قال : أفيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي غيري قالوا : لا قال : أفيكم من اؤتمن على سورة براءة وقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني غيري؟ قالوا : لا. قال : ألا تعلمون أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فروا عنه في مأقط الحرب في غير موطن وما فررت قط. قالوا : بلى ، قال : ألا تعلمون أني أول الناس إسلاما ، قالوا :
بلى. قال : فأينا أقرب إلى رسول الله نسبا قالوا : أنت. فقطع عليه عبد الرحمن بن عوف ... الخ.
وفي الصواعق المحرقة ص 24 : واخرج الدارقطني : أن عليا قال للستة الذين جعل عمر الأمر شورى بينهم كلاما طويلا من جملته : انشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي أنت قسيم الجنة والنار يوم القيامة غيري؟ قالوا : اللهم لا.
وفي ج 2 من لسان الميزان ص 156 / 157 عن ابن أبي الطفيل قال : كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الأصوات ، فسمعت عليا يقول : ( بايع الناس لأبي بكر ، وأنا والله أولى بالأمر منه وأحق به ، فسمعت وأطعت ، مخافة أن يرجع الناس كفارا يضرب بعضهم
Page 132