Ihkam Qantara
إحكام القنطرة في أحكام البسملة
Genres
فإن قيل يرد عليه ما قالوا أن الأدلة السمعية على أربعة أنواع،الرابع منها ما هو ظني الثبوت والدلالة،وأعطوا حكمه إفادة السنة والاستحباب،وجعلوا منه خبر التسمية،وصرح بعضهم بأن وجوب الفاتحة ليس من حديث:((لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب))(3)،بل بالمواظبة من غير ترك فالجواب أنهم إن أرادوا بظني الدلالة مشتركها، سلمنا الأصل المذكور، ومنعنا كون الخبرين من ذلك، بل نفي الكمال فيهما احتمال يقابله الظهور، فإن النفي متسلط على الوضوء والصلاة .
فإن قلنا النفي لا يتسلط إلى الجنس، بل ينصرف إلى حكمه وجب اعتباره(1)في الحكم الذي هو الصحة، لأن الحقيقة أقرب من المجاز .
وإن قلنا يتسلط هنا لأنها حقائق شرعية، فتنفى شرعا لعدم الاعتبار شرعا، وإن وجدت جنسا فأظهر في المراد، فنفي الكمال على الوجهين احتمال خلاف الظاهر .
وإن أرادوا به ما فيه احتمال ولو مرجوحا، منعنا صحة الأصل المذكور، وأسندناه بأن الظن واجب الاتباع في الأدلة الشرعية الاجتهادية، وعلى هذا مشى المصنف في خبر الفاتحة. انتهى كلامه(2).
فهذا الكلام صريح في أنه يميل إلى وجوبها، ويعترض على القائلين بالسنية والاستحباب، وقال صاحب ((البحر الرائق)): العجب من الكمال ابن الهمام أنه في هذا الموضع نفى ظنية الدلالة من حديث التسمية بمعنى مشتركها، وأثبتها له في باب شروط الصلاة بأبلغ وجوه الإثبات، بأن قال: ولا شك في ذلك، لأن احتمال نفي الكمال قائم، فالحق ما عليه علماؤنا من أنها مستحبة، كيف وقد قال الإمام أحمد : لا أعلم فيها حديثا ثابتا. انتهى كلامه.
قلت: عبارة ابن الهمام في ذلك المقام: هكذا الحق أن الآية يعني قوله تعالى: { خذوا زينتكم عند كل مسجد } (3)، ظنية الدلالة في ستر العورة فمقتضاها الوجوب لا الافتراض.
Page 87