ومما رأيته في كتاب مراسيل أبي شامة قال: حكي عن عمرو بن شمر قال: كان للحارث بن صعصعة ندماء لا يفارقهم، شديد المحبة لهم، فبعث أحدهم إلى زوجته فراسلها، وكان للحارث كلب رباه، فخرج الحارث في بعض متنزهاته ومعه ندماؤه، وتخلف ذلك الرجل، فلما بعد الحارث عن منزله جاء نديمه إلى زوجته فأقام عندها يأكل ويشرب، فلما سكرا واضطجعا، ورأى الكلب أنه صار على بطنها وثب عليهما فقتلهما، فلما رجع الحارث ونظر إليهما عرف القصة، وأوقف ندماؤه عليهما وأنشأ يقول:
وما زال يرعى ذمتي ويحوطني ... ويحفظ عرسي والخليل يخون
فوا عجبا للخل يهتك حرمتي ... وواعجبي للكلب كيف يصون
قال: فهجر من كان يعاشره، واتخذ كلبه نديما، فتحدث فيها العرب، فأنشأ يقول:
فللكلب خير من خليل يخونني ... وينكح عرسي بعد وقت رحيلي
سأجعل كلبي ما حييت منادمي ... وأمنحه ودي وصفو خليلي
قال: وحكي أنه كان (للحسن) بن مالك الغنوي ندماء، فأخذ بعضهم حربة له، وكان له كلب على باب داره قد رباه فجاء الرجل فدخل منزل الحسن، فقالت له امرأته: إن الحسن قد أبعد فهل لك في جلسة يسر بعضنا في بعض؟ فقال: نعم فأكلا وشربا ووقع عليها، فلما رآهما الكلب وثب عليهما فقتلهما، فلما جاء الحسن ورآهما على تلك الحال تبين ما فعلا فأنشأ يقول:
Page 244