وقد أُلحِق بطبعة القاسمي -فغالبِ ما تلاها- قصيدةٌ طويلة لشاعر العراق معروف الرصافي، في الانتصار لمذهب شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في مسائل الطلاق، تصوِّرُ قصة رجلٍ محبٍّ لزوجه، غاضبه رفقاؤُه يومًا، فحلف بطلاق امرأته ثلاثًا، فحنث، فأوقعها عليه بعض الفقهاء، فعاتبتهُ زوجهُ عتابًا مرًّا باكيًا. ثم التفت الشاعر إلى فقهاء عصره، فلامهم، وأشاد بابن القيم وبكتابه "إعلام الموقعين".
ولم أر فيها إشارة لرسالتنا هذه، تسوِّغُ إلحاقها بها (^١).
ثم وقفتُ -بعد الفراغ من تحقيق الرسالة ومراجعتها- على طبعةٍ جديدة لها بتحقيق عمر بن سليمان الحفيان عن مؤسسة الرسالة ببيروت، سنة ١٤٢٤ - ٢٠٠٤ م.
وهي طبعةٌ جيدةٌ في الجملة، اعتمد المحققُ فيها على الأصل الخطِّي الذي اعتمدنا عليه، وأَثْبَتَ تعليقات الشيخين القاسمي وابن مانع في حواشيه، واعتنى بها عناية حسنة، ولم تخلُ من هناتٍ يسيرة لا يخلو من مثلها عملُ الحريص، ولا يحتملُ المقام ذكرها مفصَّلة، وقد نبَّهت عليها في موضعٍ آخر.
_________
(^١) وفوق ذلك، فالرُّصافيُّ رقيقُ الدِّيانة، على فحولة شعره، قبيحُ السيرة، على ملاحة رَصْفه، وليسْ مثلُه ممَّن يتكثرُ بمدحه، ويُفرَحُ بتزكيته.
وقد كدَّر ثناءه على ابن القيم بنيلِه من فقهاء المذاهب، وعَيْبه لهم، ونَعتهم بالغلو والتعسير. وما بِهم ذلك؛ فإنهم وإن جانبوا الصوابَ في مسألةٍ، فعن اجتهادٍ سائغٍ صَدروا، أو لإمام مُتَّبَع قَلَّدوا، وفي كلٍّ عُذر.
ولذا ضربت صفحًا عن إثبات القصيدة؛ لأنها بزخارف الشعراء أشبه، وعن خِلال العلماء أَبْعَد. وقد جعل اللهُ لكل شيءٍ قدرًا.
المقدمة / 20