Igathat Allahfan fi Masayid al-Shaytan - Tafsir al-Faqih

Ibn Qayyim al-Jawziyya d. 751 AH
93

Igathat Allahfan fi Masayid al-Shaytan - Tafsir al-Faqih

إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان - ت الفقي

Investigator

محمد حامد الفقي

Publisher

مكتبة المعارف،الرياض

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وقال ابن المنذر: "جَاءَ عَن النبىِّ ﷺ أَنّهُ كانَ يَقُولُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ: أعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشّيْطَانِ الرَّجِيمِ". واختار الشافعي وأبو حنيفة والقاضي فى الجامع أنه كان يقول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" وهو رواية عن أحمد، لظاهر الآية، وحديث ابن المنذر. وعن أحمد من رواية عبد الله: "أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشّيْطَانِ الرَّجِيمِ". لحديث أبى سعيد، وهو مذهب الحسن وابن سيرين، ويدل عليه ما رواه أبو داود فى قصة الإفك: "أَنّ النبىَّ ﷺ جَلَسَ وَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ العليم مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ". وعن أحمد رواية أخرى أنه يقول: "أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشّيْطَانِ الرَّجِيمِ إِنّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ". وبه قال سفيان الثوري ومسلم بن يسار، واختاره القاضي فى المجرد وابن عقيل؛ لأن قوله: ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشّيْطَان الرَّجِيمِ﴾ [فصلت: ٣٦] . ظاهره أنه يستعيذ بقوله "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" وقوله فى الآية الأخرى: ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم﴾ [فصلت: ٣٦] . يقتضي أن يلحق بالاستعاذة وصفه بأنه هو السميع العليم فى جملة مستقلة بنفسها مؤكدة بحرف "إن" لأنه سبحانه هكذا ذكره. وقال إسحاق: الذى أختاره ما ذكر عن النبي ﷺ: "الّلهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِه". وقد جاء فى الحديث تفسير ذلك، قال: "وهمزه: المُؤتة، ونفخه: الكبر، ونفثه: الشعر". وقال تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِك مِنْ هَمَزاتِ الشّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أنْ يَحْضُرُونِ﴾ [المؤمنون: ٩٧ - ٩٨] . والهمزات: جمع همزة كتمرات وتمرة. وأصل الهمز الدفع، قال أبو عبيد عن الكسائي: همزته، ولَمَزْتُهُ، ولهزته، ونهزته- إذا دفعته، والتحقيق: أنه دفع بنَخْز، وغمز يشبه الطعن، فهو دفع خاص، فهمزات الشياطين: دفعهم الوساوس والإغواء إلى القلب، قال ابن عباس والحسن: "همزات الشياطين: نزغاتهم ووساوسهم" وفسرت همزاتهم بنفخهم ونفثهم، وهذا قول مجاهد، وفسرت بخنقهم وهو المؤتة التى تشبه الجنون. وظاهر الحديث أن الهمز نوع غير النفخ والنفث، وقد يقال- وهو الأظهر- إن همزات الشياطين إذا أفردت دخل فيها جميع إصاباتهم لابن آدم، وإذا قرنت بالنفخ والنفث كانت نوعا خاصا، كنظائر ذلك

1 / 95