125

Ighāthat al-lahfān fī maṣāyid al-shayṭān - taḥqīq al-Faqī

إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان - ت الفقي

Editor

محمد حامد الفقي

Publisher

مكتبة المعارف،الرياض

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

ولا ريب أن الشيطان هو الداعى إلى الوسواس: فأهله قد أطاعوا الشيطان، ولبوا دعوته، واتبعوا أمره ورغبوا عن اتباع سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وطريقته، حتى إن أحدهم ليرى أنه إذا توضأ وضوء رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، أو اغتسل كاغتساله، لم يطهر ولم يرتفع حدثه، ولولا العذر بالجهل لكان هذا مشاقة للرسول، فقد كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يتوضأ بالمد، وهو قريب من ثلث رطل بالدمشقى، ويغتسل بالصاع وهو نحو رطل وثلث، والموسوس يرى أن ذلك القدر لا يكفيه لغسل يديه، وصح عنه ﵇ أنه توضأ مرة مرة، ولم يزد على ثلاث، بل أخبر أن:
"مَنْ زَادَ عَلَيْهَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ".
فالموسوس مسىء متعد ظالم بشهادة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، فكيف يتقرب إلى الله بما هو مسىء به متعدّ فيه لحدوده؟،
وصح عنه ﷺ أنه كان يغتسل هو وعائشة رضى الله عنها من قصعة بينهما فيها أثر العجين، ولو رأى الموسوس من يفعل هذا لأنكر عليه غاية الإنكار، وقال: ما يكفى هذا القدر لغسل اثنين؟ كيف والعجين يحلله الماء فيغيره؟ هذا والرشاش ينزل فى الماء فينجسه عند بعضهم، ويفسده عند آخرين، فلا تصح به الطهارة، وكان صلى الله تعالى عليه وسلم يفعل ذلك مع غير عائشة، مثل ميمونة وأم سلمة، وهذا كله فى الصحيح.
وثبت أيضًا فى الصحيح عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه قال: "كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَتَوَضَّئُونَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ".
والآنية التى كان رسول الله ﵇ وأزواجه وأصحابه ونساؤهم يغتسلون منها لم تكن من كبار الآنية ولا كانت لها مادة تمدها؛ كأنبوب الحمام ونحوه، ولم يكونوا يراعون فيضانها حتى يجرى الماء من حافاتها، كما يراعيه جهال الناس ممن بلى بالوسواس فى جرن الحمام.
فهدى رسول الله ﷺ الذى من رغب عنه فقد رغب عن سنة رسول الله ﷺ، جواز الاغتسال من الحياض والآنية وإن كانت ناقصة غير فائضة، ومن انتظر الحوض حتى

1 / 127