Ifsah
الإفصاح عن معاني الصحاح
Investigator
فؤاد عبد المنعم أحمد
Publisher
دار الوطن
Genres
وغوغاءهم، فإنهم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطير بها أولئك عنك كل مطير، وأن لا يعوها، وأن لا يضعوها على مواضعها، فأمهل حتى تقدم المدينة، فإنها دار الهجرة والسنة، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس، فتقول ما قلت متمكنا، فيعي أهل العلم مقالتك، ويضعوها على مواضعها، قال: فقال عمر: أما والله- إن شاء الله- لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة.
قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة، فلما كان يوم الجمعة عجلت بالرواح حين زاغت الشمس، حتى أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المبنر، فجلست حذوه، تمس ركبتي ركبته، فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب، فلما رأيته مقبلا، قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: ليقولن العشية على هذا المنبر مقالة لم يقلها منذ استخلف، فأنكر علي؛ وقال، ما عسى أن يقول ما لم يقله قبل؛ فجلس عمر على المنبر، فلما سكت المؤذن قام: فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال:
أما بعد، فإني قائل لكم مقالة قدر أن أقولها، لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته، ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب علي: إن الله ﷿ بعث محمدًا ﷺ بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله (٢٩/ ب) تعالى عليه آية الرجم، فقرأناها، وعقلناها، ووعيناها، ورجم رسول الله ﷺ، ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله؛ فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى، فالرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال
1 / 112