169
الموضع (إن) مكان (ما) لئلا يصرح بذكر (ما) فيسمعها المسلمون كلهم فيعرفون في ذلك اليوم أن النصر لهم؛ فلا يبقى في قلب أحد منهم خوف للموت فينقص من أجورهم، ولا تكون شهادته كاملة لو استشهد، فاستعمل (إن) في مكان (ما) ليعرفها أولو الألباب منهم. * وقوله: (لا تعبد في الأرض؟!) على معنى الاستفهام الواقع في باب التعجب، ولا تكون الدال ساكنة، ونبين هذا بضر مثال، وهو أن نرى ما لا يعرف وأحق الناس به جالس فنقول: لا نعطي هذا المستحق من هذا شيئًا، وهذا لأن الكفر كان قد شمل الأرض ولم يكن فيها من يعبد الله غير تلك العصابة، فمعنى قوله: (إن تهلك هذه العصابة): أي ما تهلك هذه العصابة؛ ألا تعبد في أرضك؟! وقد قال ابن جرير في هذا: إن معناه أن هلاك تلك العصابة بطؤ للدين لأنه أعلم أن هلاكهم بطؤ له. * وفي هذا الحديث من الفقه أن الصاحب إذا رأى مصحوبه مشغولا بالدعاء، وقد سقط رداؤه أن يرد رداءه عليه، وعلى أن الرداء من شيمة العرب لبسه، وهو ثوب مطروح فوق المقيص غير متصل بالثياب، ولا أرى العرب اتخذته إلا عدة لإجابة منادي الجود عند مشاهدة البائس والفقير بسرعة، فقد كان رسول الله ﷺ ألقى رداءه على كعب بن زهير، وأرسل إزاره إلى ابنته فقال (لنسوة): (أشعرنها إياه)، وألقى رداءه لجرير بن عبد الله ليجلس عليه؛ ومن عادة

1 / 207