145
قال: (ادرأوا الحدود بالشبهات) لأنه عورة للمسلم، ولا يحسن بأخيه المسلم أن يكون حريصًا على هتك عورة أخيه؛ ولهذا قال عمر للجارود: (أشهيد أنت أم خصيم؟) لما قال (أقم على هذا كتاب الله) ثم لما قال: (أنا شهيد)، قال: (فقد كنت أديت شهادتك). * وفي هذا الحديث من الفقه أنه يكره معاودة الإمام في الحرص على إقامة الحد، ألا ترى أن عمر قال للجارود لما عاوده: (لتملكن لسانك أو لأسوءنك)؟ * وفيه أيضًا ما يدل على حلم عمر حيث قال له الجارود: (أيشرب ابن عمك الحمر وتسوءني؟)، لأنه اقتصر على الإيعاد. * وفيه أيضًا من الدليل على أنه لما كانت شهادة أبي هريرة فيها بعض الإعواز، استفاد عمر بقول المرأة غلبة الظن على صدق ما أخبر به لأنها زوجته. * وفيه أيضًا أنه ليس لكل (٥٧/ ب) أحد أن يستدل بآيات القرآن، وإنما ذلك لأهل العلم والفقه؛ ألا ترى أن عمر قال لقدامة: (أخطأت التأويل)؛ لما احتج عليه بقول الله تعالى: ﴿ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا﴾ (فقال): (لو اتقيت لاجتنبت ما حرم الله عليك)؟ * وفيه أيضًا من الفقه أنه إذا شرب الخمر فشهد عليه بذلك شاهدان، ورفعا ذلك إلى الإمام أو نائبه الحاكم، فإن الجلد يجب عليه وإن تاب، ألا ترى أن عمر جلد قدامة بعد المدة الطويلة، بل لو تاب فيما بينه وبين الله ﷿ من قبل أن تقوم البينة لم يكن عليه حدً إلا أن يقر؟ * وفيه من الفقه أن المسلم إذا وجب عليه حد وكان مريضًا أنه لا يؤخذ منه الحد

1 / 183