ولو كان ﵇ قال ذلك، لما وَسِعَ من بقي من أصحاب النبي ﷺ السكوتُ عن مثل ذلك، ثم وليها عمرُ بن عبد العزيز، مع عدله وخيره وديانته، والإجماع على أنه من العادلين، وليس هو من ولده، ولو علمَ أن النبي ﷺ قال ذلك، لم يدخل فيها، ولتركها.
وإنما حدث هذا الكذبُ على الرسول في خلافة بني العباس حين أخذوها، وصارت إليهم، ولم نر القولَ باشتراط كونه من بني العباس عن أحد من العلماء المعتبرين، ولو اشترط ذلك أحد، وأنه خير، لكان أصحاب النبي ﷺ أحقَّ باتباعه، فلم يتولّ العباسُ في زمن أصحاب النبي ﷺ، ولا أحد من أولاده، ثم كذلك لم يتولّ أحدٌ من أولاده في زمن تابعي التابعين، وكانوا أحرصَ على القول بالخبر واتباعِه من غيرهم، ولم يَرِدْ ذلك عن أحد منهم، بل الذي صحّ عن النبي ﷺ، وعن أصحابه، ومَنْ بعدهم: أن يكون قرشيًا، فقد أخبرنا الجماعة، أنا ابن الزَّعْبوب، أنا الحَجَّار، أنا ابن الزَّبيدي، أنا السِّجْزِي، أنا الداودي: أنا السَّرَخْسي، أنا الفِرَبْري، أنا البخاري، ثنا أبو اليمان، أنا شعيب، عن الزهري، قال: كان محمّدُ بنُ جُبيرِ بنِ مُطْعِمٍ يحدِّثُ أنه بلغ معاويةَ، وهو عنده في وفدٍ من قريش: أنَّ عبدَ الله بنَ عمرٍو يحدِّث: أنه سيكون ملكٌ من قحطان، فغضب، فقامَ، فأثنى على الله بما هو أهلُه، ثم قال:
أمّا بعد: فإنه بلغني أن رجالًا منكم يحدِّثونَ أحاديثَ ليست في كتاب الله، ولا تُوثَرُ عن رسول الله ﷺ، أولئك جُهَّالُكُم، فإيَّاكُم والأمانِيَّ التي تُضلُّ أهلَها؛ فإني سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: "إِنَّ هَذَا
1 / 54