Idah Tawhid
إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي
Genres
ولما بلغوا طرابلس، وكانت إذ ذاك عامرة بإخوانهم، وفيهم العلماء وأرباب الحيثيات والتجار وأهل الفضل والدين، مكثوا مدة حتى جمعوا أمرهم، وتشاوروا مع من كان فيها من أهل الرأي من إخوانهم، والتمسوا الفرصة في عقد الإمامة، على وجه يكون عاقبته الظفر والسلامة، فتواعدوا للاجتماع خارج البلاد، بموضع غربي من المدينة، يقال له صياد (¬1) ، وأظهروا أنهم مجتمعون في شأن أرض وقع فيها خصام ليقسموها على وجه يوافق المرام، فلما خرجوا إلى الموضع المشار إليه، أعلنوا بالأمر الذي عزموا عليه، وعرضوا الإمامة أولا على عبد الرحمن فامتنع من قبولها في ذلك الأوان، ثم عطفوا بها إلى أبي الخطاب عبد الأعلى، وقال (¬2) له: «ابسط يدك لنبايعك على أن تحكم بيننا بالسنة والكتاب، وما عليه رجال الدين أولوا الألباب»، فقال لهم: «يا قوم، ما لهذا الأمر خرجنا، ولا لأجله اجتمعنا»، وكان غير عالم بمرادهم، إلا ما أظهروه من شأن قسمة أرضهم، فقالوا: «لا سبيل إلى الامتناع، ابسط يدك لنبايعك على أن يطاع الله ورسوله وتطاع».
¬__________
(¬1) - ... وانظر: الدرجيني: طبقات المشايخ بالمغرب، ج1/ص22-23.
(¬2) - ... لعل الصواب: «وقالوا له».
Page 84