فلا يليق بالمصلي أن يلاحظ ذلك، كيف وهو - صلى الله عليه وسلم - الواسطة العظمى في إيصال الخير له. وقيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - لا ينتفع بها لأنها قد فرغت عليه الكمالات كلها قبل مفارقته الدنيا، ورد بأنه ما من كمال إلا وعند الله أعلى منه، فهو - صلى الله عليه وسلم - يترقى في الكمالات كل لحظة، كما يشير بذلك قوله تعالى: {وللآخرة خير لك من الأولى} (¬1) على ما قاله بعض أهل التحقيق من أن المعنى: «وللحظة المتأخرة خير لك من اللحظة المتقدمة»، إلى أن قال: «والأحاديث في فضل الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - جمة لا تنضبط، وخصائصها لا تنحصر، فمن ذلك قضاء الحاجات، وكشف الكرب المعضلات، ونزول الرحمات».
ومن ذلك أيضا ما جرب من تأثيرها في تنوير القلوب حتى قيل: «إنها تكفي عن الشيخ في الطريق، وتقوم مقامه» كما حكاه السيد أحمد زروق، والشيخ السنوسي في شرح صغرى الصغرى، وأشار له الشيخ أبو العباس أحمد بن موسى اليمني، لكن قال الشيخ الملوي المراد أنها تكفي عنه، وتقوم مقامه في مجرد التنوير، أما الوصول لدرجة الولاية فلا بد فيه من شيخ كما هو معلوم عند أهله، واختصت من بين الأذكار بأنها تذهب حرارة الطباع بخلاف غيرها فإنه يثيرها». اه.
قلت: إن الله سبحانه وتعالى قد جعل نبيه محمدا e رحمة لنا، هاديا مهديا، نورا منيرا، فالإيمان ونحوه علمناه بواسطته الشريفة، وجعل الله تعالىشكر المنعم واجبا على المنعم عليه، ومع ذلك فقد قال لنبيه عليه الصلاة والسلام فيما أنزله عليه: {وقل رب زدني علما} (¬2) ، فأي مانع يمنع المصلي على رسوله e وهو فيها ملاحظ معنى طلب انتفاعه صلوات الله عليه وسلامه بصلاته، مع أنه عليه الصلاة والسلام سأل ربه سبحانه وتعالى أن يجعل له ب«الحياة زيادة في كل خير». رواه مسلم.
غريبة
¬__________
(¬1) - ... سورة الضحى: 4.
(¬2) - ... سورة طه: 114.
Page 34