والصحيح الذي لا مرية فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - ينتفع بالدعاء له والصلاة عليه لقوله تعالى: {وقل رب زدني علما} (¬1) ، ولحديث مسلم أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اجعل الحياة زيادة لي في كل خير» (¬2) . فلا عبرة بقول من قال: إنه لا ينتفع بذلك لأنه قد بلغ حد الكمال، وملاحظة الانتفاع له تأذن بنقصان كماله، ونحن نقول: إن كمال غيره تعالى قابل للزيادة، وطلب الزيادة لذلك الكمال لا يفيد نقصانه، وإنما يفيد طلب انضمام كمال إلى كمال، فلم يزل كماله - صلى الله عليه وسلم - يترقى إلى غاية لا يعلمها إلا الله.
قال الباجوري في حاشيته على متن السلم: «والصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - كغيره ينتفع بالصلاة عليه، لكن لا ينبغي لنا التصريح بذلك إلا في مقام التعليم، كما أشار إلى ذلك بعضهم بقوله:
وصححوا بأنه ... ينتفع ... بذي الصلاة شأنه مرتفع
لكنه لا ينبغي ... التصريح ... لنا بذا القول وذا ... صحيح
¬__________
(¬1) - ... سورة طه: 114.
(¬2) - ... رواه الترمذي، الذكر والدعاء 4897، قال: حدثنا إبراهيم بن دينار حدثنا أبو قطن عمرو بن الهيثم القطعي عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون عن قدامة بن موسى عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر».
Page 33