214

قلت: ويخرج من عموم الكتاب الأمر بالمندوب فإنه مندوب والنهي عن المكروه فإنه مندوب أيضا. نعم وإنما يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند الزيدية والمعتزلة إذا تكاملت شروطهما وهي خمسة:

الأول: أن يعلم الآمر الناهي أن الذي يأمر به معروف حسن والذي ينهي عنه منكر قبيح ولا يكفي الظن، فإن أقدم على الأمر والنهي من غير علم كان إقدامه منكرا فإن عرف جنسه والتبس عليه أفرض هو أم نفل أو عرف كراهته والتلبس كراهة تنزية أم كراهة حضر حسن منه الأمر والنهي بالقول فقط من غير تهدد ونحوه، ويعني بكونه منكرا أو معروفا أنه كذلك عند المأمور والمنهي وإن كان مذهب الآمر والناهي بخلافه، فإذا رأينا رجلا يشرب المثلث لم يجب نهيه بل لم يحسن لجواز أن يكون حنفيا، فإن علمنا أنه ليس حنفيا وجب الإنكار عليه وسواء كان المنكر حنفيا أو غيره.

الثاني: أن يعلم أو يظن أن لأمره ونهيه تأثير وإن لم يعلم ذلك ولا يظنه فلا وجوب قطعا ، قيل لكنه يحسن لأنه دعى إلى الخير، وقيل لا يحسن لأنه عبث، وفي الأساس: يشترط ظن التأثير حيث كان المأمور والمنهي عارفين بأن المأمور به معروف والمنهي عنه منكر وإلا وجب التعريف وإن لم يظن التأثير لأن إبلاغ الشرائع واجب إجماعا والأصل في ذلك قوله تعالى{إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى...الآية}(البقرة:159) ونحوها، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:(من كتم علما مما ينتفع به الناس ألجمه الله بلجام من نار).

Page 253