Idah Fi Sharh Misbah
كتاب الإيضاح في شرح المصباح
Genres
وحجتنا عليهم تبادر العقلاء إلى تصويب من طلب المكافأة على الإحسان ومن عاقب على الإساءة، وذلك دليل على حسنهما واستحقاقهما إذ طلب مالايستحق وفعله خارج عن تصويب العقلاء فعلمنا أن العلة في التصويب هي الاستحقاق. واختلف في الثواب والعقاب هل يجوز استوائهما أو لابد من الرجحان. فذهب الجمهور من المعتزلة فيهم أبوعلي وأبو هاشم وقاضي القضاة إلى المنع من جواز الاستواء والذي عليه جماعة من أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم وغيرهم جواز ذلك، فمن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) زين العابدين علي بن الحسين والقاسم والمؤيد بالله (والمنصور بالله) والحقيني ومن شيعتهم القاضي جعفر والشيخ الحسن والفقيه حميد، قالوا: لأنه لامانع منه عقلا ولاشرعا، قال الأولون: لادليل عليه من العقل وإنما المانع السمع وهو الإجماع على أنه لابد للمكلف من الجنة أو النار، ولو استويا لم يستحق المكلف جنة ولانارا. قال الإمام المهدي عليه السلام: في دعوى الإجماع نظر لاشتهار خلاف من ذكر أولا، وقد قال باستوائهما أيضا فرقة من الصوفية لكنهم يثبتون دارا ثالثة بين الجنة والنار يدخلها من المكلفين من استوى ثوابه وعقابه قالوا: وهي التي ذكرها الله تعالى بقوله{وعلى الأعراف رجال}(الأعراف:46) وقال بعض أصحابنا إن الأعراف أعالي الجنة وقيل هي أعالي الحجاب الذي بين الجنة والنار وهو المراد بقوله {وبينهما حجاب}(الأعراف:46) وأنه يحبس فيه من قصر عمله عن السبق إلى دخول الجنة أو من استوت حسناته وسيئاته على الخلاف ثم يدخلون الجنة وهم المعنيون بقوله (تعالى){ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون}(الأعراف:49).
واعلم أنه إذا فعل المكلف العاصي طاعة من دون أن يتوب من معصية الفسق فقد سقط القضاء إجماعا. وهل تسقط الطاعة شيئا من عقاب المعصية أو لا خلاف؟
Page 217