في ذكر عدد سور القرآن والاختلاف في ذلك فجملة عدد سور القرآن مئة وأربع عشرة سورة بفاتحة الكتاب والمعوذتين، على النظم والتأليف الذي تضمنه الإمام مصحف عثمان بن عفان -رضي الله عنه (¬1) ، وذكر عن بعض السلف أنه قال: القرآن مئة وثلاث عشرة سورة، ويروى ذلك في بعض الروايات عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه- ، وكان من ذهب الى ذلك عد الأنفال والتوبة سورة واحدة (¬2) ، وعلى هذا قيل السبع الطول، لأنها أطول سور القرآن، وهي البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال بالتوبة؛ لأن الأنفال وحدها لا تعدل الأعراف وما قبلها، والذي يدل على ذلك أيضا أنهم لم يفصلوا بينهما بسطر (بسم الله الرحمن الرحيم)، والصحيح عندنا أن القرآن مئة وأربع عشرة سورة، وأن الأنفال والتوبة سورتان، والذي يدل على ذلك أنهما كانتا تدعيان في وقت رسول الله صلى الله عليه القرينتين إذ كانت قصة الأنفال بقصة التوبة شبيهة (¬3) ، إذ في الأنفال الدعاء الى الصلح، وفي التوبة الأمر بنقضه (¬4) ، ولأن في السابعة من السبع الطول اختلافا عند العلماء وهي يونس على تأليف عبد الله، وإليها يذهب بعض أهل العلم، ولأن الأنفال والتوبة في المصحف المنسوب الى ابن مسعود سورتان واحدتهما مقطوعة من الاخرى وبينهما سورة، وسبب ترك التسمية بينهما في المصحف لمعنيين: أحدهما: أنهم أخذوا نظم السورة وتأليفها من رسول الله صلى الله عليه، وقبض رسول الله صلى الله عليه قبل أن يبين لهم أنهما سورتان، وكانت قصة أحداهما شبيهة بقصة الاخرى، وكانتا تدعيان القرينتين فكتبوهما سورتين ولم يفصلوا بينهما بسطر (بسم الله الرحمن الرحيم) لذلك هو الاخر ما روي عن ابن عباس أنه قال لعلي بن أبي طالب لم لم يكتب في براءة (بسم الله الرحمن الرحيم) فقال بسم الله الرحمن الرحيم أمان وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان (¬1) ، ألا ترى أنهما كانتا عند علي -رضي الله عنه- سورتين إذ لم يقل لأنهما سورة واحدة.
وروي أن ابن مسعود /44ظ/ -رضي الله عنه- كان يكتب في مصحفه مئة وعشر سور، وذلك أنه
لم يكتب فيه فاتحة الكتاب والمعوذتين، وكتب والضحى وألم نشرح سورة واحدة (¬2) ، وقال بعضهم: ألم تر كيف ولإيلاف سورة واحدة (¬3) ، فقيل له: لم لم يكتب فيه فاتحة الكتاب، قال: إن كتبتهاكتبتها قبل كل سورة، وإنما ترك كتابتها لأنه أمن عليها النسيان إذا (¬4) الصلاة لا تتم إلا بقراءتها، ولأنها تثنى مع ما يقرأ في كل ركعة منها، وإنما جمع القرآن بين الدفتين مخافة النسيان من الناس.
Page 198