بِالْمَدِينَةِ - على ساكنها الصَّلَاة وَالسَّلَام - فَإِذا جَابر بن عبد الله يحدث الْقَوْم من حَدِيث رَسُول الله ﷺ جَالس إِلَى سَارِيَة وَإِذ قد ذكر الجهنميون فَقلت لَهُ يَا صَاحب رَسُول الله ﷺ مَا الَّذِي يحدثُونَ وَالله تَعَالَى يَقُول ﴿رَبنَا إِنَّك من تدخل النَّار فقد أخزيته﴾ و﴿كلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا﴾ فَمَا هَذَا الَّذِي يَقُولُونَ قَالَ أَي بني أَتَقْرَأُ الْقُرْآن قلت نعم قَالَ سَمِعت بمقام مُحَمَّد ﷺ الْمَحْمُود الَّذِي يَبْعَثهُ الله يَوْم الْقِيَامَة فِيهِ قلت نعم قَالَ فَإِنَّهُ مقَام مُحَمَّد الْمَحْمُود الَّذِي يخرج الله بِهِ من يخرج من النَّار قَالَ ثمَّ نعت وضع الصِّرَاط وَمر النَّاس عَلَيْهِ قَالَ الرَّاوِي فَأَخَاف أَن لَا أكون حفظت ذَاك غير أَنه قد زعم أَن قوما يخرجُون من النَّار بعد أَن يَكُونُوا فِيهَا كَأَنَّهُمْ عيدَان السماسم قَالَ فَيدْخلُونَ نَهرا من أَنهَار الْجنَّة فيغتسلون فِيهِ فَيخْرجُونَ كَأَنَّهُمْ الْقَرَاطِيس الْبيض قَالَ فرجعنا فَقُلْنَا وَيحكم أَتَرَوْنَ هَذَا الشَّيْخ يكذب على رَسُول الله ﷺ قَالَ فرجعنا فرجعنا فوَاللَّه مَا خرج منا أحد غير رجل وَاحِد وَفِي رِوَايَة أُخْرَى قَالَ جَابر ﵁ الشَّفَاعَة بيّنت فِي كتاب الله تَعَالَى ﴿مَا سلككم فِي سقر قَالُوا لم نك من الْمُصَلِّين وَلم نك نطعم الْمِسْكِين وَكُنَّا نَخُوض مَعَ الخائضين وَكُنَّا نكذب بِيَوْم الدّين حَتَّى أَتَانَا الْيَقِين فَمَا تنفعهم شَفَاعَة الشافعين﴾ يَعْنِي أَن الشَّفَاعَة تدْرك الْمُسلمين دون الْكَافرين
ثمَّ حِين ظهر فِي الْمُسلمين من نفى رُؤْيَة الْمُؤمنِينَ رَبهم فِي الْجنَّة وَمن زعم أَن الْقُرْآن الَّذِي هُوَ كَلَام الله مَخْلُوق وَمن زعم أَن الْإِنْسَان لَا اخْتِيَار لَهُ وَلَا كسب بل هُوَ كالريشة فِي مهب الرّيح كَمَا ظهر من وصف الله تَعَالَى بِصِفَات من الْجِسْم والطول وَالْعرض والعمق وَمن نفى باسم التنزية بعض صِفَات الله تَعَالَى الثَّابِتَة لَهُ فِي الْقُرْآن وَالسّنة وَغير ذَلِك
فَكَانَ كلما ذَر فِي حَيَاة الْمُسلمين قرن الْفِتْنَة والبدعة قَامَ عُلَمَاء الْمُسلمين يثبتون الْحق ويظهرونه ويردون الْبَاطِل ويقمعونه فأتبع بذلك مَادَّة علم التَّوْحِيد وَكَثُرت مسَائِله قَالَ الونشريسي وَأجْمع السّلف وَالْخلف من أثمة الْهدى على حِكَايَة مقالات
1 / 15