اتفق العلماء على أن غسل الوجه بالجملة من فرائض الوضوء، والدليل قوله تعالى: { فاغسلوا وجوهكم }، وحد الوجه من منابت شعر الرأس([52]) إلى الذقن([53]) طولا. وإلى الأذنين([54]) عرضا، وسواء كان المتطهر ذا لحية أو غير ذي لحية والمنشأ داخل في الوجه وهو البياض الذي بين العارض والأذن، والدليل ما توجبه اللغة، لأن الوجه ما واجه به الإنسان، والعرب لا تعقل الوجه إلا ما ظهر لها وواجهها وخوطبت بما تعرفه في لغتها، وغسل مواضع اللحية([55]) واجب لأنه مواجه به إذا لم يكن هناك شعر، فإذا ظهر فيه شعر([56]) وستره([57]) لم يجب عليه غسله لأن اسم الوجه زال عنه، وإن عارض من أوجب غسله بأن عليه الصلاة والسلام أمر بتخليل اللحية([58]) وقال: المسح يكون غسلا، الدليل ما روي ( أن النبي عليه الصلاة والسلام اغتسل من جنابته فرأى في بدنه لمعة لم يصبها الماء فعصر جمته([59]) ثم مسحها بما قطر منها ) قيل له الدليل على ما قلنا ما روي من طريق ابن عباس([60]) ( أنه صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة، فقال هاذ وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به، ثم اثنين اثنين فقال: من ضاعف ضوعف له، ثم توضأ ثلاثا ثلاثا فقال: هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي ) ([61])، وليس في وسع الإنسان وطاقته إيصال الماء إلى أصول الشعر إذا كان كثيفا بمرة واحدة، ويدل أيضا على ما قلنا أن الوجه الذي أمر الله تعالى بغسله بالماء هو الوجه الذي أمر الله تعالى بمسحه بالصعيد، ولا أعلم خلافا أن المتطهر بالصعيد لا يجب عليه تخليل اللحية ولا يؤمر بذلك، واسم الوجه غير لا حق بالموضع الذي يواري الشعر.
مسألة في غسل اليدين([62]) مع الذراعين:
Page 54