والأمر بما لا يستطاع محال وروي ( أنه صلى الله عليه وسلم أخرج سرية([8]) غازية فشج رجل منهم مأمومة فأجنب فسأل القوم هل يسعه التيمم؟ فقالوا: لا، إلا الغسل، فاغتسل فكرت عليه الشجة فمات، فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام فغضب غضبا شديدا فقال: أليس شفاء العي السؤال؟ ما لهم قتلوه قتلهم الله، ولو أمروه فاغتسل ومسح على موضع الجراحة ) ([9]) وفي خبر آخر ( فاغتسل وتيمم ) وفي خبر آخر ( لو اغتسل وترك موضع الجراحة ) وقال آخرون: يتيمم وليس عليه في الوضوء شيء، لأن الوضوء عندهم فريضة واحدة والله تعالى لا يتعبدنا إلا بإحدى الطهارتين بالماء أو بالتيمم، وهذا عندهم والله أعلم، وكذلك من كان في جسده جرح أو قرح لا يغسله وكانت عليه جنابة على هذا الاختلاف المتقدم في الوضوء وإن كان العضو العليل منجوسا فإنه يغسل العضو الصحيح([10]) ويتيمم للعليل كما قدمنا. وقال بعضهم: يجزيه التيمم، وإنما يجزيه التيمم عندي لأن الوضوء لا يصح إلا بعد زوال النجس، فإن لم يقدر على إزالته لما يخاف من سبب الغسل لو غسله كان عاجزا ويجزيه التيمم، وكذلك إذا كان لا يقدر على الاستنجاء، أو كان به سلس البول، أو استرسال جوف، أو جرح لا يقر قطره، فإنه يجزيه التيمم، لأن طهارته لا تصح له، فإذا كان لا تصح له رجع إلى التيمم الذي هو بدل منها عند العجز، وقال آخرون: يحتشي ثم يتوضأ، وهذا القول يدل على أن الوضوء يصح مع النجاسة التي لا يقدر على إزالتها، وذلك أنه مأمور بالطهارتين جميعا إزالة الأنجاس والوضوء، فعجزه عن أحد الفرضين لا يسقط عنه الفرض الآخر والله أعلم.
Page 281