باب في الحيض والأصل في هذا الباب قوله تبارك وتعالى: { ويسألونك عن المحيض قل هو أذى }([1]) والحيض([2]) في اللغة الانفجار، ولا يكون حيضا إلا الدم الفائض من الفرج، ولذلك قالوا إنما تمسح بعلمها على العرض، ويكون المسح بيدها اليسرى وهي بين القيام والقعود، لأنه ربما أن يكون الدم فائضا وهو قليل فيمنعه القيام أو القعود أن يظهر على علمها والله أعلم. وفي الأثر: ولا يكون الدم حيضا حتى يقطر، ومنهم من يقول: حتى يفيض قليلا كان أو كثيرا. والعلقة لا تكون حيضا إلا إن كانت معها صفرة، كانت معها أو متتابعات، وتتابعها إذا لم يقطع بينهما طلوع الشمس أو غروبها، ومنهم من يقول: تتابعها إذا لم يقطع ما بينهما الصلاة، ومنهم من يقول: لا يكونان حيضا إلا إن كانتا معا. وأما العلقات إذا تتابعت فلا تكون حيضا، أما إذا قطر منها الدم والطهر معا ولم يدر الأول منهما من الآخر فإنما تأخذ بمن كان في الوسط منهما، ومنهم من يقول: إنما تأخذ بالذي دار منهما بالآخر، ومنهم من يقول: لا تشتغل في ذلك بشيء، فإذا تبين لها الأول منهما من الآخر فلتأخذ بالآخر.
مسألة في أنواع الدماء:
وأنواع الدماء الخارجة من الرحم ثلاثة: دم حيض: وهو الخارج على جهة الصحة، ودم استحاضة: وهو الخارج على جهة المرض، ودم نفاس: وهو الخارج مع الولد. أما دم الحيض([3]) فكل دم ظهر من المرأة ممن يجوز أن تحيض مثلها فهو حيض حتى يعلم أنه إنما ظهر لعلة حدثت بها وإلا فهي أبدا محكوم لها بحكم السلامة، ما لم يعلم أن بها آفة أو تبلغ أقصى وقت الحيض ثم لم ينقطع الدم، فحينئذ يحكم عليها بحكم الاستحاضة لأن الله تعالى فطر النساء على أن يحضن ولم يطبعهن أن يستحضن، إلا أن تحدث بهن علة. ودم الحيض متميز من غيره لقوله عليه الصلاة والسلام: ( دم الحيض أسود ثخين نتن يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فاغتسلي وصلي )([4]).
Page 203