150

Idah

الإيضاح (ج1) لعامر الشماخي

الثالث من الأفعال التي تنقض الوضوء النظر، وبالجملة إلى كل نظر لا يحل على العمد ينقض الوضوء، وأما نظر الفجأة لا ينقض الوضوء لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النظرة الثانية، والدليل على هذا قول الله تعالى: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم }([108]). مثال ذلك النظر العمد إلى فروج بني آدم البالغين منهم إلا الأزواج فيما بينهما فإن النظر بينهما مباح([109]) لا ينقض الوضوء كنظره إلى نفسه([110])، الدليل على ما قلنا ما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال: ( ملعون من نظر إلى عورة أخيه ) أو قال: ( فرج أخيه ). وقال عليه الصلاة والسلام: ( لعن الله الناظر والمنظور إليه )، واختلفوا في حد العورة التي تنقض الوضوء، قال بعضهم: من السرة إلى الركبة واختلفوا في السرة والركبة هل هما من العورة أم لا؟ وقال بعضهم: النظر المحرم ما كان من حد منابت الشعر إلى مستغلظ الفخذين، والدليل على هذا القول ما روي ( أن النبي عليه الصلاة والسلام كشف على فخذه إلى أبي بكر الصديق وعمر رضي الله عنهما ) ([111])، وكذلك من نظر إلى جوف منزل متعمدا انتقض وضوءه. والدليل على هذا القول ما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( من اطلع إلى دار قوم([112]) بغير إذن فقد دمر ) ([113]) وما روي أنه صلى الله عليه وسلم رمى إنسانا بمشقص([114]) قد رآه ينظر إليه من كوة فأخطأه فقال: ( لو أصيبت عيناك لهدرت ) ([115]) ولا تباح الدماء بما دون الكبائر والله أعلم. وكذلك من نظر في كتاب أحد بغير رأيه من كتب السر انتقض وضوءه، والدليل ما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( من نظر في كتاب إنسان فكأنما ينظر إلى النار ومن نظر إلى بسم الله الرحمن الرحيم فلا نقض عليه ) ([116]).

Page 151