والأفعال التي تنقض الوضوء أربعة، أحدها الكلام: وذلك إذا تكلم بالكذب أو الغيبة أو النميمة أو أيمان الفجور أو لعن من لا يستحق اللعنة، أو لعن المسلمين أو شتمهم أو طعن في دينهم أو تكلم بالشرك والكفر، والفحشاء والمنكر، أو ذكر الفروج أو العذرة بأقبح أسمائها، أو شتم بها أحدا انتقض وضوءه في هذا كله، والدليل على ما ذكرنا أنه ينقض الوضوء ما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( الكذب والغيبة ينقضان الوضوء ) ([62])، وكذلك عمل الكبائر([63]) كلها ينقض الوضوء قياسا على الكذب والغيبة، وهو من قياس المعنى والله أعلم. وصفة الكذب الذي ينقض الوضوء أن يخبر عن الشيء بخلاف ما هو به بإرادة منه لذلك من غير إكراه بشرط أن يكون اعتقاده موافقا([64]) لظاهر قوله، وذلك أن التقية([65]) في ذوي الأرحام والجار والصاحب جائزة ويظهر إليه الجميل والدعاء حتى يرى أنك تحمد أمره وإن كنت لا تتولاه، والمعنى في ذلك لغيره وذلك إذا دعوت له بالعافية والحفظ والكرامة والرحمة فذلك جائز، وذلك ما أولاه الله لبني آدم في الدنيا جميعا، وكذلك إن قلت له عافاك الله من النار أو نجاك الله، أو رحمك الله من النار وتعني من نار الدنيا فلا بأس وهذا ليس من جنس هذا الفن الذي نحن فيه، ولكن أردت بهذا التنبيه على جواز التعريض في الكلام وليس من الكذب والدليل على هذا ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( إن المعاريض لمندوحة عن الكذب ) ([66]) وأما الإكراه فسائغ في الشرك إذا ظهر الخوف على نفسه أو ماله الذي يؤدي تلفه إلى ما تلف نفسه بشرط طمأنينة القلب بالإيمان لقوله عز وجل: { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان }([67]) وما سوى الشرك من جميع ما يقول بلسانه جائز قياسا على الشك وهو من قياس المعنى أيضا إذ الشك أشد منه.
Page 142