وقال آخرون: قد روي عن أبي هريرة أنه أفتى بغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثا كسائر النجاسات والله أعلم. وقال الربيع: قال ضمام بن السائب: ( يكفي من ذلك ثلاث ). وهو الصحيح وغير منكور أن يكون الشرع يخص نجاسة دون نجاسة بحكم دون حكم تغليظا لها. واختلفوا في سؤر السنور قال بعضهم: نجس لأنه سبع، وقال آخرون: طاهر لحديث كبشة بنت كعب بن مالك - وكانت تحت أبي قتادة الأنصاري - أنها سكبت لأبي قتادة وضوءا فجاءت هرة تشرب منه فأصغى أبو قتادة لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: ورآني أنظر إليه، قال: أتعجبين مما رأيت؟ قالت: قلت نعم، قال لي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال: ( إنها ليست بنجس إنها من الطوافين والطوافات عليكم )([31]). فعلل رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم النجاسة في الهرة بسبب الطواف وخفف عن المسلمين المحنة لأجل البلوى بها. وكذلك الفأر على هذا الاختلاف وسؤر الحيات والأماحي والأفاعي والأوزاغ وما كان في معناها نجس لأن لحومها محرمة بدليل قوله تعالى: {لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبآئث }([32]). ولأجل ما يتوقى منها من السم والله أعلم. واختلفوا في سؤر الكلب المكلب، قال بعضهم: طاهر سؤره إذا صانه أهله، وقال آخرون: سؤره نجس ولا ينتقل حاله بصيانة أهله عن حكم الكلاب من أن يكون سبعا. وكذلك الدجاج إذا كان يرعى يرعى ويأكل القذر والجلالة من البهائم وهي التي تأكل النجس، اختلفوا في أكلها وسؤرها وسبب الخلاف معارضة الحديث والقياس وذلك أنه روي عنه عليه الصلاة والسلام: ( نهى عن أكل لحوم الجلالة وألبانها وأن يحج بها )، والقياس هو أن ما يرد جوف الحيوان ينقلب إلى ذلك الحيوان وسائر أجزائه فإذا كان لحم ذلك الحيوان حلالا وجب أن يكون لما ينقلب إليه من حكم ما انقلب إليه كانقلاب الدم لحما والله أعلم.
Page 134