340

Al-Iʿtiṣām li-l-Shāṭibī muwāfiq li-l-maṭbūʿ

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Investigator

سليم بن عيد الهلالي

Publisher

دار ابن عفان

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Publisher Location

السعودية

الْمُؤَثِّرُ فِي الطِّبَاعِ، فَيُهَيِّجُهَا إِلَى مَا يُنَاسِبُهَا، وَهِيَ الْحَرَكَاتُ عَلَى اخْتِلَافِهَا.
فَكُلُّ تَأَثُّرٍ فِي الْقَلْبِ مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ تَحْصُلُ عَنْهُ آثَارُ الْكَوْنِ وَالْخُضُوعِ؛ فَهُوَ رِقَّةٌ، وَهُوَ التَّوَاجُدُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ كَلَامُ الْمُجِيبِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَحْمُودٌ.
وَكُلُّ تَأَثُّرٍ يَحْصُلُ عَنْهُ ضِدُّ السُّكُونِ؛ فَهُوَ طَرَبٌ لَا رِقَّةَ فِيهِ وَلَا تَوَاجُدَ، وَلَا هُوَ عِنْدَ شُيُوخِ الصُّوفِيَّةِ مَحْمُودٌ.
لَكِنَّ هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاءَ لَيْسَ لَهُمْ مِنَ التَّوَاجُدِ - فِي الْغَالِبِ - إِلَّا الثَّانِي الْمَذْمُومَ، فَهُمْ إِذًا مُتَوَاجِدُونَ بِالنَّغَمِ وَاللُّحُونِ، لَا يُدْرِكُونَ مِنْ مَعَانِي الْحِكْمَةِ شَيْئًا، فَقَدْ بَاؤُوا إِذًا بِأَخْسَرِ الصَّفْقَتَيْنِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ.
وَإِنَّمَا جَاءَهُمُ الْغَلَطُ مِنْ جِهَةِ اخْتِلَاطِ الْمَنَاطَيْنِ عَلَيْهِمْ، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُمُ اسْتَدَلُّوا بِغَيْرِ دَلِيلٍ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ﴾ [الذاريات: ٥٠]، وَقَوْلُهُ: ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا﴾ [الكهف: ١٨]؛ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى الْمَعْنَى، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ (تَعَالَى): ﴿إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا﴾ [الكهف: ١٤]؛ أَيْنَ فِيهِ أَنَّهُمْ قَامُوا يَرْقُصُونَ أَوْ يَزْفِنُونَ أَوْ يَدُورُونَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ؟ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَهُوَ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ الدَّاخِلِ تَحْتَ هَذَا الْجَوَابِ.
وَوَقَعَ فِي كَلَامِ الْمُجِيبِ لَفْظُ السَّمَاعِ غَيْرَ مُفَسَّرٍ، [فَـ] فَهِمَ مِنْهُ الْمُحْتَجُّ أَنَّهُ الْغِنَاءُ الَّذِي تَسْتَعْمِلُهُ شِيعَتُهُ، وَهُوَ فَهْمُ عُمُومِ النَّاسِ، لَا فَهْمُ الصُّوفِيَّةِ؛ فَإِنَّهُ عِنْدَهُمْ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ صَوْتٍ أَفَادَ حِكْمَةً يَخْضَعُ لَهَا الْقَلْبُ،

1 / 359