262

Ictisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Investigator

سليم بن عيد الهلالي

Publisher

دار ابن عفان

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Publisher Location

السعودية

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي مَأْخَذِ أَهْلِ الْبِدَعِ بِالِاسْتِدْلَالِ]
[الرَّاسِخِينَ لَهُمْ طَرِيقًا يَسْلُكُونَهَا فِي اتِّبَاعِ الْحَقِّ وَالزَّائِغِينَ عَلَى غَيْرِ طَرِيقِهِمْ]
كُلُّ خَارِجٍ عَنِ السُّنَّةِ مِمَّنْ يَدَّعِي الدُّخُولَ فِيهَا وَالْكَوْنَ مَنْ أَهْلِهَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَكَلُّفٍ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِأَدِلَّتِهَا عَلَى خُصُومَاتِ مَسَائِلِهِمْ، وَإِلَّا كَذَّبَ اطِّرَاحُهَا دَعْوَاهُمْ.
بَلْ كُلُّ مُبْتَدِعٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ: إِمَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ هُوَ صَاحِبُ السُّنَّةِ دُونَ مَنْ خَالَفَهُ مِنَ الْفِرَقِ، فَلَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ إِلَى التَّعَلُّقِ بِشُبَهِهَا، وَإِذَا رَجَعَ إِلَيْهَا؛ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ الِاسْتِدْلَالَ مَأْخَذَ أَهْلِهِ الْعَارِفِينَ بِكَلَامِ الْعَرَبِ وَكُلِّيَّاتِ الشَّرِيعَةِ وَمَقَاصِدِهَا؛ كَمَا كَانَ السَّلَفُ الْأَوَّلُ يَأْخُذُونَهَا.
إِلَّا أَنَّ هَؤُلَاءِ - كَمَا يَتَبَيَّنُ بَعْدُ - لَمْ يَبْلُغُوا مَبْلَغَ النَّاظِرِينَ فِيهَا بِإِطْلَاقٍ: إِمَّا لِعَدَمِ الرُّسُوخِ فِي مَعْرِفَةِ كَلَامِ الْعَرَبِ وَالْعِلْمِ بِمَقَاصِدِهَا، وَإِمَّا لِعَدَمِ الرُّسُوخِ فِي الْعِلْمِ بِقَوَاعِدَ الْأُصُولِ الَّتِي مِنْ جِهَتِهَا تُسْتَنْبَطُ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ، وَإِمَّا لِعَدَمِ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، فَبِالْحَرِيِّ أَنْ تَصِيرَ مَآخِذُهُمْ لِلْأَدِلَّةِ مُخَالَفَةً لِمَأْخَذِ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ لِلْأَمْرَيْنِ.
وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا؛ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى تِلْكَ الْمَآخِذِ؛ لِكَيْ تُحْذَرَ وَتُتَّقَى؛ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ، فَنَقُولُ:
قَالَ اللَّهُ ﷾: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾ [آل عمران: ٧]

1 / 281