Al-Iʿtiṣām li-l-Shāṭibī muwāfiq li-l-maṭbūʿ
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Editor
سليم بن عيد الهلالي
Publisher
دار ابن عفان
Edition
الأولى
Publication Year
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Publisher Location
السعودية
الصِّفَاتِ، أَوِ الْإِرْجَاءِ; لَمْ آمَنْ، فَلَمَّا رَأَيْتُ حَمَاقَاتِهِمْ أَقَمْتُ عَلَى حَذَرٍ، وَتَرَدَّدْتُ فِيهَا عَلَى أَقْوَامٍ أَهْلِ عَقَائِدَ سَلِيمَةٍ، وَلَبِثْتُ بَيْنَهُمْ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ.
ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الشَّامِ، فَوَرَدْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَأَلْفَيْتُ فِيهَا ثَمَانِيَ وَعِشْرِينَ حَلْقَةً وَمَدْرَسَتَيْنِ مَدْرَسَةِ الشَّافِعِيَّةِ بِبَابِ الْأَسْبَاطِ، وَأُخْرَى لِلْحَنَفِيَّةِ وَكَانَ فِيهَا مِنْ رُءُوسِ الْعُلَمَاءِ وَرُءُوسِ الْمُبْتَدِعَةِ وَمِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَثِيرٌ، فَوَعَيْتُ الْعِلْمَ وَنَاظَرْتُ كُلَّ طَائِفَةٍ بِحَضْرَةِ شَيْخِنَا أَبِي بَكْرٍ الْفِهْرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ.
ثُمَّ نَزَلْتُ إِلَى السَّاحِلِ لِأَغْرَاضٍ، وَكَانَ مَمْلُوءًا مِنْ هَذِهِ النِّحَلِ الْبَاطِنِيَّةِ وَالْإِمَامِيَّةِ، فَطُفْتُ فِي مُدُنِ السَّاحِلِ لِتِلْكَ الْأَغْرَاضِ نَحْوًا مِنْ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ، وَنَزَلْتُ عَكَّا، وَكَانَ رَأْسَ الْإِمَامِيَّةِ بِهَا حِينَئِذٍ أَبُو الْفَتْحِ الْعَكِّيُّ، وَبِهَا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ شَيْخٌ يُقَالُ لَهُ الْفَقِيهُ الدَّيِبقِيُّ.
فَاجْتَمَعْتُ بِأَبِي الْفَتْحِ فِي مَجْلِسِهِ وَأَنَا ابْنُ الْعِشْرِينَ، فَلَمَّا رَآنِي صَغِيرَ السِّنِّ كَثِيرَ الْعِلْمِ مُتَدَرِّبًا، وَلِعَ بِي، وَفِيهِمْ لَعَمْرُ اللَّهِ، وَإِنْ كَانُوا عَلَى بَاطِلٍ انْطِبَاعٌ وَإِنْصَافٌ وَإِقْرَارٌ بِالْفَضْلِ إِذَا ظَهَرَ، فَكَانَ لَا يُفَارِقُنِي، وَيُسَاوِمُنِي الْجِدَالَ، وَلَا يُفَاتِرُنِي، فَتَكَلَّمْتُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ وَالْقَوْلِ بِالتَّعْمِيمِ مِنَ الْمَعْصُومِ بِمَا يَطُولُ ذِكْرُهُ.
وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ لِلَّهِ فِي عِبَادِهِ أَسْرَارًا وَأَحْكَامًا، وَالْعَقْلُ لَا يَسْتَقِلُّ بِدَرْكِهَا، فَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قِبَلِ إِمَامٍ مَعْصُومٍ! فَقُلْتُ لَهُمْ: أَمَاتَ الْإِمَامُ الْمُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ لِأَوَّلِ مَا أَمَرَهُ بِالتَّبْلِيغِ أَمْ هُوَ مُخَلَّدٌ؟ فَقَالَ
1 / 199