Ictisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Investigator
سليم بن عيد الهلالي
Publisher
دار ابن عفان
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Publisher Location
السعودية
وَعَنْ أَنَسٍ ; قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَدْرَكَ السَّلَفَ الْأَوَّلَ، ثُمَّ بُعِثَ الْيَوْمَ مَا عَرَفَ مِنَ الْإِسْلَامِ شَيْئًا. قَالَ: وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى خَدِّهِ، ثُمَّ قَالَ: إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ.
ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ - عَلَى ذَلِكَ - لَمَنْ عَاشَ فِي النُّكْرِ، وَلَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ السَّلَفَ الصَّالِحَ، فَرَأَى مُبْتَدِعًا يَدْعُو إِلَى بِدْعَتِهِ، وَرَأَى صَاحِبَ دُنْيَا يَدْعُو إِلَى دُنْيَاهُ، فَعَصَمَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، وَجَعَلَ قَلْبَهُ يَحِنُّ إِلَى ذَلِكَ السَّلَفِ الصَّالِحِ، يَسْأَلُ عَنْ سُبُلِهِمْ، وَيَقْتَصُّ آثَارَهُمْ، وَيَتَّبِعُ سَبِيلَهُمْ، لَيُعَوَّضُ أَجْرًا عَظِيمًا، وَكَذَلِكَ فَكُونُوا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَعَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ; قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أُنْشِرَ فِيكُمْ مِنَ السَّلَفِ، مَا عَرَفَ غَيْرَ هَذِهِ الْقِبْلَةِ.
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ النَّاسَ إِلَّا النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ.
إِلَى مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنَ الْآثَارِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُحْدَثَاتِ تَدْخُلُ فِي الْمَشْرُوعَاتِ، وَأَنَّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ قَبْلَ زَمَانِنَا، وَإِنَّمَا تَتَكَاثَرُ عَلَى تَوَالِي الدُّهُورِ إِلَى الْآنَ.
فَتَرَدَّدَ النَّظَرُ بَيْنَ أَنْ أَتَّبِعَ السُّنَّةَ عَلَى شَرْطِ مُخَالَفَةِ مَا اعْتَادَ النَّاسُ ; فَلَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ نَحْوٍ مِمَّا حَصَلَ لِمُخَالِفِي الْعَوَائِدِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا ادَّعَى أَهْلُهَا أَنَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ هُوَ السُّنَّةُ لَا سِوَاهَا، إِلَّا أَنَّ فِي ذَلِكَ الْعِبْءِ الثَّقِيلِ مَا فِيهِ مِنَ الْأَجْرِ الْجَزِيلِ، وَبَيْنَ أَنْ أَتْبَعَهُمْ عَلَى شَرْطِ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَالسَّلَفِ الصَّالِحِ، فَأَدْخُلَ تَحْتَ تَرْجَمَةِ الضُّلَّالِ عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، إِلَّا أَنِّي أُوَافِقُ
1 / 34