Ictisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Investigator
سليم بن عيد الهلالي
Publisher
دار ابن عفان
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Publisher Location
السعودية
أَعْلَمُ وُفِّقَ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى الْحَقِّ.
وَكَذَلِكَ يَزِيدُ الْفَقِيرُ فِيمَا ذَكَرَهُ عَنْهُ، لَا كَمَا عَارَضَ الْخَوَارِجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ﵁، إِذْ طَالَبَهُمْ بِالْحُجَّةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُخَاصِمُوهُ; فَإِنَّهُ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ فِيهِ: ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ [الزخرف: ٥٨]، فَرَجَّحُوا الْمُتَشَابِهَ عَلَى الْمُحْكَمِ، وَنَاصَبُوا بِالْخِلَافِ السَّوَادَ الْأَعْظَمَ.
[الثَّانِي:] وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَصِحَّ بِمِسْبَارِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ ; فَهُوَ الْحَرِيُّ بِاسْتِنْبَاطِ مَا خَالَفَ الشَّرْعَ كَمَا تَقَدَّمَ، إِذْ قَدِ اجْتَمَعَ لَهُ مَعَ الْجَهْلِ بِقَوَاعِدِ الشَّرْعِ الْهَوَى الْبَاعِثُ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ التَّبَعِيَّةُ، إِذْ قَدْ تَحْصُلُ لَهُ مَرْتَبَةُ الْإِمَامَةِ وَالِاقْتِدَاءِ، وَلِلنَّفْسِ فِيهَا مِنَ اللَّذَّةِ مَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ يَعْسُرُ خُرُوجُ حُبِّ الرِّئَاسَةِ مِنَ الْقَلْبِ إِذَا انْفَرَدَ، حَتَّى قَالَ الصُّوفِيَّةُ: حُبُّ الرِّئَاسَةِ آخِرُ مَا يَخْرُجُ مِنْ قُلُوبِ الصِّدِّيقِينَ! فَكَيْفَ إِذَا انْضَافَ إِلَيْهِ الْهَوَى مِنْ أَصْلٍ، وَانْضَافَ إِلَى هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ دَلِيلٌ فِي ظَنِّهِ شَرْعِيٌّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ؟! فَيَتَمَكَّنُ الْهَوَى مِنْ قَلْبِهِ تَمَكُّنًا لَا يُمْكِنُ فِي الْعَادَةِ الِانْفِكَاكُ عَنْهُ، وَجَرَى مِنْهُ مَجْرَى الْكَلْبِ مِنْ صَاحِبِهِ; كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الْفِرَقِ، فَهَذَا النَّوْعُ ظَاهِرٌ أَنَّهُ آثِمٌ فِي ابْتِدَاعِهِ إِثْمَ مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ أَنَّ الْإِمَامِيَّةَ مِنَ الشِّيعَةِ تَذْهَبُ إِلَى وَضْعِ خَلِيفَةٍ دُونَ النَّبِيِّ ﷺ، وَتَزَعُمُ أَنَّهُ مِثْلُ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْعِصْمَةِ، بِنَاءً عَلَى أَصْلٍ مُتَوَهَّمٍ، فَوَضَعُوهُ عَلَى أَنَّ الشَّرِيعَةَ أَبَدًا مُفْتَقِرَةٌ إِلَى شَرْحٍ وَبَيَانٍ لِجَمِيعِ
1 / 197