لِتَرْكِهِمُ الْوَاضِحَاتِ، وَمَيْلِهِمْ إِلَى الْمُتَشَابِهَاتِ; كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي آيَةِ آلِ عِمْرَانَ:
فَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ [المائدة: ٧٧]، وَهُمُ النَّصَارَى، ضَلُّوا فِي عِيسَى ﵇.
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ تَعَالَى بَعْدَ ذِكْرِ شَوَاهِدِ الْعُبُودِيَّةِ فِي عِيسَى: ﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ [مريم: ٣٤].
وَبَعْدَ ذِكْرِ دَلَائِلِ التَّوْحِيدِ وَتَقْدِيسِ الْوَاحِدِ ﵎ عَنِ اتِّخَاذِ الْوَلَدِ وَذِكْرِ اخْتِلَافِهِمْ فِي مَقَالَاتِهِمُ الشَّنِيعَةِ، قَالَ: ﴿لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [مريم: ٣٨].
وَذَكَرَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ، وَأَنَّهُمْ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا، وَذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ يَدْخُلُونَ مَعَهُمْ فِي أَحْوَالِ التَّكَالِيفِ عَلَى كَسَلٍ وَتَقِيَّةٍ; أَنَّ ذَلِكَ يُخَلِّصُهُمْ، أَوْ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُمْ شَيْئًا، وَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا يُخَادِعُونَ أَنْفُسَهُمْ، وَهَذَا هُوَ الضَّلَالُ بِعَيْنِهِ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ يَفْعَلُ شَيْئًا يَظُنُّ أَنَّهُ لَهُ، فَإِذَا هُوَ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ عَلَى هُدًى مِنْ عَمَلِهِ، وَلَا هُوَ سَالِكٌ عَلَى سَبِيلِهِ.
فَلِذَلِكَ قَالَ: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ [النساء: ١٤٢]، إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٨٨].