- إلى أن قال- وكان المهدي من خيار خلفاء بني العباس، وأحسنهم إيمانًا وعدلًا وجودًا، فصار يتتبع المنافقين الزنادقة. (١) ".
ومن مناقب المهدي أيضًا: أنه ردّ المظالم (٢)، وأطلق خلقًا كثيرًا من السجن.
لقد أصلح الله تعالى المهدي دين هذه الأمة، فحقق نصرًا للإسلام بقتل الزنادقة، كما حقق ظهورًا للسنة بمنعه الكلام وبغضه أهل الأهواء.
كما جرى على يديه صلاح لدنيا الأمة من خلال إحسانه للرعية والرحمة بهم..
الرشيد:-
قال ابن كثير في وصفه: "فضائل الرشيد ومكارمه كثيرة جدًا، قد ذكر الأئمة من ذلك شيئًا كثيرًا، وقد كان الفضيل بن عياض يقول: ليس موت أحد أعز علينا من موت الرشيد، لما أتخوف بعده من الحوادث، وإني لأدعو الله أن يزيد في عمره من عمري، وقالوا: فلما مات الرشيد، وظهرت تلك الفتن والحوادث والاختلافات، وظهر القول بخلق القرآن، فعرفنا ما كان تخوفه الفضيل من ذلك (٣) ."
لقد كان الرشيد (٤) ﵀ على طريقة أهل السنة من التعظيم والتسليم لسنة رسول الله ﷺ، كما هو واضح جلي في تلك الحكاية التي ساقها شيخ الإسلام الصابوني بسنده أن أبا معاوية الضرير حدّث هارون الرشيد بحديث أبي هريرة " احتج آدم وموسى.. (٥) "
فقال أحد الحاضرين: كيف هذا وبين آدم وموسى ما بينهما! فوثب به هارون، وقال: يحدثك عن رسول الله ﷺ، وتعارضه بكيف (٦)
وفي رواية أخرى: " أن الرشيد غضب من ذلك غضبًا شديدًا، وقال: أتعترض على الحديث؟ عليّ بالنطع والسيف، فأحضر ذلك، فقام الناس إليه، يشفعون فيه، فقال الرشيد: هذه زندقة، ثم أمر بسجنه وأقسم أن لا يخرج حتى يخبره من ألقى إليه هذا، فأقسم ذلك الرجل بالأيْمان المغلظة ما قال هذا له أحد، وإنما كانت هذه الكلمة بادرة منه، وأنه يستغفر الله
_________
(١) . نقض المنطق صـ ١٨، ١٩ = باختصار
(٢) . انظر: تاريخ بغداد للخطيب ٥/٣٩٣.
(٣) . البداية ١٠/٢٢١.
(٤) . هو أبو جعفر هارون بن المهدي بن المنصور، ولد بالري سنة ١٤٨هـ، كان أن أنبل الخلفاء، وأحشم الملوك، ذا حج وجهاد، وشجاعة ورأي، ومحاسنه كثيرة، وله أخبار شائعة في اللهو، توفي سنة ٢٥٤هـ.
انظر: سيرة أعلام النبلاء ٩/٢٨٦، تاريخ بغداد ١٤/٥.
(٥) . أخرجه البخاري، ك القدر ح (٦٦١٤)، مسلم، ك القدر ح (٢٦٥٢) .
(٦) . أخرجه الصابوني في عقيدة السلف صـ ٣٢٠.
1 / 229