Ictilal Qulub
اعتلال القلوب
Investigator
حمدي الدمرداش
Publisher
مكتبة نزار مصطفى الباز
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
Publisher Location
مكة المكرمة
٥٢٧ - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، كَانَ قَدْ تَرَكَ الشِّعْرَ وَرَغِبَ عَنْهُ، وَنَذَرَ عَلَى نَفْسِهِ لِكُلِّ بَيْتٍ يَقُولُهُ هَدْي بَدَنَةٍ، فَمَكَثَ بِذَلِكَ حِينًا ثُمَّ خَرَجَ لَيْلَةً يُرِيدُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، إِذْ نَظَرَ إِلَى امْرَأَةٍ ذَاتِ جَمَالٍ تَطُوفُ، وَإِذَا رَجُلٌ يَتْلُوهَا، كُلَّمَا رَفَعَتْ رِجْلَهَا وَضَعَ رِجْلَهُ مَوْضِعَ رِجْلِهَا، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمَا، فَلَمَّا فَرَغْتِ الْمَرْأَةُ مِنْ طَوَافِهَا تَبِعَهَا الرَّجُلُ هُنَيْهَةً، ثُمَّ رَجَعَ وَفِي قَلْبِ عُمَرَ مَا فِيهِ، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ وَثَبَ إِلَيْهِ فَقَالَ: لَتُخْبِرَنِّي عَنْ أَمْرِكَ قَالَ: نَعَمْ، هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي رَأَيْتَ ابْنَةُ عَمِّي، وَأَنَا لَهَا عَاشِقٌ، وَلَيْسَ لِي مَالٌ فَخَطَبْتُهَا إِلَى عَمِّي فَرَغِبَ عَنِّي وَسَأَلَنِي عَنِ الْمَهْرِ مَا لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَالَّذِي رَأَيْتَ هُوَ حَظِّي مِنْهَا وَمَا لِي مِنَ الدُّنْيَا أُمْنِيَةٌ غَيْرُهَا، وَإِنَّمَا أَلْقَاهَا عِنْدَ الطَّوَافِ، وَحَظِّي مَا رَأَيْتَ مِنَ فِعْلِي. قَالَ لَهُ عُمَرُ: وَمَنْ عَمُّكَ؟ قَالَ: فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ قَالَ: انْطَلَقَ مَعِي إِلَيْهِ، فَانْطَلَقْنَا فَاسْتَخْرَجَهُ عُمَرُ فَخَرَجَ مُبَادِرًا فَقَالَ: مَا حَاجَتُكَ يَا أَبَا الْخَطَّابِ؟ قَالَ: تُزَوِّجُ ابْنَتَكَ فُلَانَةَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ فُلَانٍ، وَهَذَا الْمَهْرُ الَّذِي تَسْأَلُهُ مُسَاقٌ إِلَيْكَ مِنْ مَالِي. قَالَ: فَإِنِّي قَدْ فَعَلْتُ قَالَ عُمَرُ ﵁: أُحِبُّ لَا أَبْرَحُ حَتَّى يَجْتَمِعَا. قَالَ: وَذَلِكَ أَيْضًا. قَالَ: فَلَمْ يَبْرَحْ حَتَّى جَمَعَهُمَا وَأَتَى مَنْزِلَهُ فَاسْتَلْقَى عَلَى فِرَاشِهِ فَجَعَلَ النَّوْمُ لَا يَأْخُذُهُ، وَجَعَلَ جَوْفُهُ يَجِيشُ بِالشِّعْرِ، فَأَنْكَرَتْ جَارِيَتُهُ ذَلِكَ فَجَعَلَتْ تَسْأَلُهُ عَنْ أَمْرِهِ وَتَقُولُ: وَيْحَكَ، مَا الَّذِي دَهَاكَ، فَلَمَّا أَكْثَرَتْ عَلَيْهِ جَلَسَ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر الوافر]
⦗٢٦٢⦘
تَقُولُ وَلِيدَتِي لَمَّا رَأَتْنِي ... طَرِبْتُ وَكُنْتُ قَدْ أَقَصَرْتُ حِينَا
أُرَاكَ الْيَوْمَ قَدْ أَحْدَثْتَ شَوْقًا ... وَهَاجَ لَكَ الْهَوَى دَاءً دَفِينَا
بِرَبِّكَ هَلْ أَتَاكَ لَهَا رَسُولٌ ... فَشَاقَكَ أَمْ رَأَيْتَ لَهَا خَدِينَا
فَقُلْتُ: شَكَا إِلَيَّ أَخٌ مُحِبٌّ ... لِبَعْضِ زَمَانِنَا إِذْ تَعْلَمِينَا
تَعُدُّ عَلَيَّ مَا يَلْقَى بِهِنْدٍ ... فَوَافَقَ بَعْضَ مَا كُنَّا لَقِينَا
وَذُو الْقَلْبِ الْمُصَابِ وَإِنْ تَغَنَّى ... يُهَيَّجُ حِينَ يَلْقَى الْعَاشِقِينَا
وَكَمْ مِنْ خَلَّةٍ أَعْرَضْتُ عَنْهَا ... لِغَيْرِ قِلًى وَكُنْتُ بِهَا ضَنِينَا
رَأَيْتُ صُدُودَهَا فَصَدَدْتُ عَنْهَا ... وَلَوْ جُنَّ الْفُؤَادُ بِهَا جَنِينَا
2 / 261