Al-Iʿtibār fī al-nāsikh waʾl-mansūkh min al-āthār
الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار
Publisher
دائرة المعارف العثمانية - حيدر آباد
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٣٥٩ هـ
Publisher Location
الدكن
Genres
Ḥadīth
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَجُلٌ وَأَنَا قَائِمَةٌ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ أَسْمَعُ، فَقَالَ: إِنَّ الصَّلَاةَ تُدْرِكُنِي وَأَنَا جُنُبٌ وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلَاةَ وَأَنَا جُنُبٌ وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، ثُمَّ أَغْتَسِلُ وَأَصُومُ. فَقَالَ الرَّجُلُ: لَسْتُ مِثْلَكَ؛ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنِّي لَأَرْجُوَ أَنْ أَكُونَ أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بِحُدُودِ اللَّهِ
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِهِ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَمِمَّنْ رَوَيْنَا عَنْهُ نَحْوَ هَذَا الْقَوْلِ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ.
وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ.
وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَعَامَّةِ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَعَامَّةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، سِوَى النَّخَعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَهْلِ الْبَصْرَةِ، سِوَى الْحَسَنِ، وَأَهْلِ الشَّامِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنِ الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ؛ إِنْ كَانَ الصَّوْمُ فَرْضًا أَفْطَرَ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا لَمْ يُفْطِرْ.
قُرِئَ عَلَى أَبِي الْمَحَاسِنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْجَوْهَرِيِّ، وَأَنَا أَسْمَعُ، أَخْبَرَكَ أَبُو الْمَحَاسِنِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ حَمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطَّابِيُّ، قَالَ: فَأَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي تَأْوِيلِ مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي هَذَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَحْمُولًا عَلَى النَّسْخِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْجِمَاعَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ مُحَرَّمًا عَلَى الصَّائِمِ فِي اللَّيْلِ بَعْدَ النَّوْمِ، كَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَلَمَّا أَبَاحَ اللَّهُ الْجِمَاعَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، جَازَ لِلْجُنُبِ إِذَا أَصْبَحَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ أَنْ يَصُومَ ذَلِكَ الْيَوْمَ؛ لِارْتِفَاعِ الْحَظْرِ الْمُتَقَدِّمِ، فَيَكُونُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: مَنْ أَصْبَحَ فَلَا يَصُومُ أَيْ: مَنْ جَامَعَ فِي الصَّوْمِ بَعْدَ النَّوْمِ فَلَا يُجْزِيهِ صَوْمُ غَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُصْبِحُ جُنُبًا إِلَّا وَلَهُ أَنْ يَطَأَ قَبْلَ الْفَجْرِ بِطَرْفَةِ عَيْنٍ، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُفْتِي بِمَا سَمِعَهُ مِنَ الْفَضْلِ
1 / 136