لنا الجفنات الغر يا معن في الضحى وأسيافنا يقطرن من نجدة دما} بأن هذا جمع قلة، فكان ينبغي على زعمه أن يقول: الجفان وسيوفنا، وهو نقد غير صحيح لما ذكرناه من أن الاستغراق ينقله، وأبعد من جعل من زائدة، وجعل الألف واللام للاستغراق لوجهين: أحدهما: زيادة من في الواجب، وقيل معرفة، وهذا لا يقول به أحد من البصريين والكوفيين إلا الأخفش. والثاني: أنه يلزم منه أن يكون جميع الثمرات التي أخرجها رزقا لنا، وكم من شجرة أثمرت شيئا لا يمكن أن يكون رزقا لنا، وإن كانت للتبعيض كان بعض الثمار رزقا لنا وبعضها لا يكون رزقا لنا، وهو الواقع. وناسب في الآية تنكير الماء وكون من دالة على التبعيض وتنكير الرزق، إذ المعنى: وأنزل من السماء بعض الماء فأخرج به بعض الثمرات بعض رزق لكم، إذ ليس جميع رزقهم هو بعض الثمرات، إنما ذلك بعض رزقهم، ومن الثمرات يحتمل أن يكون في موضع المفعول به بأخرج، ويكون على هذا رزقا منصوبا على الحال إن أريد به المرزوق كالطحن والرعي، أو مفعولا من أجله إن أريد به المصدر، وشروط المفعول له فيه موجودة، ويحتمل أن يكون متعلقا بأخرج، ويكون رزقا مفعولا بأخرج.
و{لكم}: إن أريد بالرزق المصدر كانت الكاف مفعولا به واللام منوية لتعدي المصدر إليه نحو: ضربت ابني تأديبا له، أي تأديبه، وإن أريد به المرزوق كان في موضع الصفة فتتعلق اللام بمحذوف، أي كائنا لكم، ويحتمل أن تكون لكم متعلقا بأخرج، أي فأخرج لكم به من الثمرات رزقا.
Page 84