والموصول الثاني في قوله: {الذي جعل} يجوز رفعه ونصبه، فرفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف، فهو رفع على القطع، إذ هو صفة مدح، قالوا: أو على أنه مبتدأ خبره قوله: {فلا تجعلوا لله أندادا}، وهو ضعيف لوجهين: أحدهما: أن صلة الذي وما عطف عليها قد مضيا، فلا يناسب دخول الفاء في الخبر. الثاني: أن ذلك لا يتمشى إلا على مذهب أبي الحسن، لأن من الروابط عنده تكرار المبتدأ بمعناه، فالذي مبتدأ، و{فلا تجعلوا لله أندادا} جملة خبرية، والرابط لفظ الله من لله كأنه قيل: {فلا تجعلوا لله أندادا}، وهذا من تكرار المبتدأ بمعناه. ولا نعرف إجازة ذلك إلا عن أبي الحسن. أجاز أن تقول: زيد قام أبو عمرو، إذا كان أبو عمرو كنية لزيد، ونص سيبويه على منع ذلك. وأما نصبه فيجوز أن يكون على القطع، إذ هو وصف مدح، كما ذكرنا، ويجوز أن يكون وصفا لما كان له وصفا الذي خلقكم، وهو ربكم، قالوا: ويجوز نصبه على أن يكون نعتا لقوله: {الذي خلقكم}، فيكون نعتا للنعت ونعت النعت مما يحيل تكرار النعوت. والذي نختاره أن النعت لا ينعت، بل النعوت كلها راجعة إلى منعوت واحد، إلا إن كان ذلك النعت لا يمكن تبعيته للمنعوت، فيكون إذ ذاك نعتا للنعت الأول، نحو قولك: يا أيها الفارس ذو الجمة. وأجاز أبو محمد مكي نصبه بإضمار أعني، وما قبله ليس بملتبس، فيحتاج إلى مفسر له بإضمار أعني، وأجاز أيضا نصبه بتتقون ، وهو إعراب غث ينزه القرآن عن مثله. وإنما أتى بقوله الذي دون واو لتكون هذه الصفة وما قبلها راجعين إلى موصوف واحد، إذ لو كانت بالواو لأوهم ذلك موصوفا آخر، لأن العطف أصله المغايرة.
وجعل: بمعنى صير، لذلك نصبت الأرض. وفراشا، ولكم متعلق بجعل، وأجاز بعضهم أن ينتصب فراشا وبناء على الحال، على أن يكون جعل بمعنى خلق، فيتعدى إلى واحد.
Page 82