يا: حرف نداء، وزعم بعضهم أنها اسم فعل معناها: أنادي، وعلى كثرة وقوع النداء في القرآن لم يقع نداء إلا بها، وهي أعم حروف النداء، إذ ينادى بها القريب والبعيد والمستغاث والمندوب. وأمالها بعضهم، وقد تتجرد للتنبيه فيليها المبتدأ والأمر والتمني والتعليل، والأصح أن لا ينوي بعدها منادى. أي: استفهام وشرط وصفة ووصلة لنداء ما فيه الألف واللام، وموصولة، خلافا لأحمد بن يحيى، إذ أنكر مجيئها موصولة، ولا تكون موصوفة خلافا للأخفش. ها: حرف تنبيه، أكثر استعمالها مع ضمير رفع منفصل مبتدأ مخبر عنه باسم إشارة غالبا، أو مع اسم إشارة لا لبعد، ويفصل بها بين أي في النداء وبين المرفوع بعده، وضمها فيه لغة بني مالك من بني أسد، يقولون: يا أيه الرجل، ويا أيتها المرأة.
وعطف قوله: {والذين من قبلكم} على الضمير المنصوب في خلقكم، والمعطوف متقدم في الزمان على المعطوف عليه وبدأ به، وإن كان متأخرا في الزمان، لأن علم الإنسان بأحوال نفسه أظهر من علمه بأحوال غيره.
وأي في أيها منادى مفرد مبني على الضم، وليست الضمة فيه حركة إعراب خلافا للكسائي والرياشي، وهي وصلة لنداء ما فيه الألف واللام ما لم يمكن أن ينادى توصل بنداء أي إلى ندائه، وهي في موضع نصب، وهاء التنبيه كأنها عوض مما منعت من الإضافة وارتفع الناس على الصفة على اللفظ، لأن بناء أي شبيه بالإعراب، فلذلك جاز مراعاة اللفظ، ولا يجوز نصبه على الموضع، خلافا لأبي عثمان. وزعم أبو الحسن في أحد قوليه أن أيا في النداء موصولة وأن المرفوع بعدها خبر مبتدأ محذوف، فإذا قال: يا أيها الرجل، فتقديره: يا من هو الرجل. والكلام على هذا القول وقول أبي عثمان مستقصى في النحو.
Page 80