181

Iclam Bi Aclam

كتاب الإعلام بأعلام بيت الله الحرام‏ - الجزء1

Genres

وقلع ذلك الكافر قبة زمزم ، وباب زمزم والكعبة ، وأقام بمكة أحد عشر يوما ، وقيل : ستة أيام ، ثم انصرف إلى بلد هجر ، وحمل معه الحجر الأسود يريد أن يحول الحج إلى مسجد الضرار الذى سماه «دار الهجرة» ، وعلته فى الأسطوانة السابعة مما يلى صخر الجامع من الجانب الغربى من المسجد ، وبقى موضع الحجر الأسود من البيت الشريف خاليا يضع الناس أيديهم فيه ويلتمسون تبركا بمحله.

وأمر هذا الفاجر أن يخطب بعبيد الله المهدى أول الخلفاء العبيديين الفاطميين ، وكان أول ظهوره فبلغ عبيد الله المذكور ذلك فكتب إليه : «إن أعجب العجاب إرسالك بكتبك إلينا مهيبنا بما ارتكبت فى بلد الله الأمين من انتهاك حرمة بيت الله الحرام الذى لم يذل محترما فى الجاهلية والإسلام ، وسفكت فيه دماء المسلمين ، وفتكت بالحجاج والمعتمرين وتعديت وتجرأت على بيت الله تعالى وقلعت الحجر الأسود الذى هو يمين الله فى الأرض يصافح به عباده وحملته إلى منزلك ورجوت أن أشكرك على ذلك ، فلعنك الله ثم لعنك ثم لعنك والسلام على من سلم المسلمون من لسانه ويده ، وقدم فى يومه ما ينجو به فى غده.

فلما وصل كتاب عبيد الله المهدى إلى طاهر القرمطى وعلم ما فيه انحرف عن طاعته واستمر الحجر عندهم أكثر من عشرين سنة ، يستجلبون به الناس طمعا أن يتحول الحج إلى بلدتهم وبأبى الله ذلك والإسلام وشريعة محمد (عليه أفضل الصلاة والسلام)، وهذه من أعظم مصائب الإسلام وأشدها وهنا فى الدين من أولئك الكفرة اللئام ذابت لها أكباد العباد ، وعمت فتنتها فى الحاضر والباد إلى أن دمر الله تعالى تلك الطائفة القاهرة وابتلى أبو طاهر النجس هذا بالأكلة ، فصار يتناثر لحمه بالدود ، ومات أشقى ميتة إلى دار الخلود وتعذب بأنواع البلاء فى الدنيا : ( ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ) (1).

ولما أيست القرامطة من تحويل الحجاج حجهم إلى هجر ردوا الحجر الأسود إلى محله.

Page 198