وأوصيكم بذكر الموت. وإقلال الغفلة عنه، وكيف تغفلون عمن ليس يغفل عنكم؟! وطمعتم فيمن ليس يمهلكم، فكفى بالموتى واعظًا! عاينتموهم حملوا على قبورهم غير راكبين، وأنزلوا فيها غير نازلين «٤» ! كأنهم لم يكونوا عمارًا، وكأن الآخرة لم تزل لهم دارًا.
أوحشوا ما كانوا يوطنون «٥» وأوطنوا ما كانوا يوحشون واشتغلوا بما فارقوا، وأضاعوا ما إليه «٦» انتقلوا..
لا عن قبيح يستطيعون انتقالا، ولا في حسن يستطيعون ازديادًا. «٧»
آنسوا بالدنيا فغرتهم، ووثقوا بها فصرعتهم.
فسابقوا- رحمكم الله تعالى- إلى منازلكم التى أمرتم أن تعمروها، والتى رغّبتم فيها ودعيتم إليها.
واستتمّوا نعم الله عليكم بالصبر على طاعته، والمجانبة لمعصيته، فإن غدا من اليوم قريب! ما أسرع الساعات في اليوم، وأسرع الأيام في الشهر، وأسرع الشهور في السنين، وأسرع السنين في العمر!
٢- ومن خطبه ﵁
فمن الأيام ما يكون ثابتًا مستقرًا في القلوب ومنه ما يكون عواري بين القلوب والصدور «٨» إلى أجل معلوم.
فإذا كان للمرء براءة من أحد فقفوه حتى يحضره الموت، فعند ذلك يقع حدّ البراءة.
1 / 41