274

Iʿjāz al-Qurʾān liʾl-Bāqillānī

إعجاز القرآن للباقلاني

Editor

السيد أحمد صقر

Publisher

دار المعارف

Edition Number

الخامسة

Publication Year

١٩٩٧م

Publisher Location

مصر

ونحن نذكر لك في تفصيل هذا ما تستدل به على الغرض، وتستولي به على الأمد، وتصل به إلى المقصد، وتتصور إعجازه كما تتصور الشمس، وتتيقن تناهي بلاغته كما تتيقن الفجر، وأقرب عليك الغامض، وأسهل لك العسير.
واعلم أن هذا علم شريف المحل، عظيم المكان، قليل الطلاب، ضعيف الأصحاب، ليست له عشيرة تحميه، ولا أهل عصمة تفطن لما / فيه.
وهو أدق من السحر، وأهول من البحر، وأعجب من الشعر.
وكيف لا يكون كذلك: وأنت تحسب أن وضع " الصبح " في موضع " الفجر " يحسن في كل كلام إلا أن يكون شعرًا أو سجعًا؟ وليس كذلك، فإن إحدى اللفظتين قد تنفر في موضع، وتزل عن مكان لا تزل عنه اللفظة الأخرى، بل تتمكن فيه، وتضرب بجرانها، وتراها في مظانها، وتجدها فيه غير منازعة إلى أوطانها، وتجد الأخرى - لو وضعت موضعها - في محل نفار، ومرمى شراد، ونابية عن استقرار (١) .
ولا أكثر عليك المثال، ولا أضرب لك فيه الأمثال، وأرجع بك إلى ما وعدتك (٢) من الدلالة، وضمنت لك من تقريب المقالة.
فإن كنت لا تعرف الفصل الذي بينا بين اللفظتين على اختلاف مواقع الكلام،
ومتصرفات مجارى النظام، لم تستفد مما نقر به عليك شيئًا، وكان التقليد أولى بك، والاتباع أوجب عليك.
ولكل شئ سبب، ولكل علم طريق، ولا سبيل إلى الوصول إلى الشئ من غير طريقه، ولا بلوغ غايته من غير سبيله.
* * * / خذ الآن - هداك الله - في تفريغ (٣) الفكر، وتخلية البال، وانظر فيما نعرض عليك، ونهديه إليك، متوكلًا على الله، ومعتصمًا به، ومستعيذا به، من الشيطان الرجيم، حتى تقف على إعجاز القرآن العظيم.

(١) م: " وبانية على اسفرار " (٢) ك: " وما وعدتك به " (٣) م: " مع تفريغ " (*)

1 / 184