الوجه السادس
اختلف الفقهاء والأصوليون في مفهوم العدد: هل هو حجة أو لا؟ والمختار عند المتأخرين من الأصوليين أنه ليس بحجة، وظني اختيار الشافعي أنه حجة، فمن قال بأنه حجة يتمسك بهذا الحديث على أن التكليف لا يرتفع عن غير الثلاثة، ويقويه ما قدمناه من إشعار لفظ الرفع به، وإذا ثبت ذلك فنقول: هنا شيئان: أحدهما: الشيخ الكبير، ورد فيه حديث موضوع يقتضي ارتفاع التكليف عنه، وهو كذب باطل لا أصل له، ولا يرتفع التكليف عنه ما دام عقله ثابتا، ومما يدل لتكليفه هذا الحديث من جهتين: (إحداهما) ما أشرنا غليه من مفهوم العدد. (والثانية) مفهوم قوله: (حتى يبلغ) اقتضى التكليف على البالغ، ولم يفرق بين الشيخ وغيره، على أن الإجماع على تكليفه فلا حاجة إلى التطويل فيه، والحديث الوارد فيه باطل.
الثاني: الميت في الفترة، قد يتمسك بالحديث على تكليفه؛ لأنه ليس من الثلاثة، ومذهب أهل السنة أنه لا تكليف قبل البعثة. والجواب عن الحديث: أن مورده بعد البعثة وحصول التكليف، لا يشمل ما قبل ذلك، ومن هنا يستنبط جواب آخر في قوله: (رفع) وهو أن بالبعثة وقيام المعجزة وتقرر شريعة النبي ﷺ ثبت التكليف وجرى القلم على
1 / 54