ويحتمل أن يكون معنى: (رفع القلم) حكم برفعه، وتكون الغاية للرفع المحكوم به لا للحكم الذي هو ماض، ولكن في هذا قلق، والأقرب أنه لا يصح من جهة أنك إذا عبرت برفع عن حكم بالرفع فالمصدر الذي فيه من حيث المعنى هو الحكم لا الرفع، فلا يصح أن يكون هو المغيا، وإنما المغيا الرفع المحكوم به والفعل لم يتضمنه فيحتاج إلى تقديره فيعود إلى الوجه الأول.
ويحتمل أن يقال: إن الغاية للمصدر الذي دل عليه الفعل الماضي كقولهم: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، عند من لا يقدر فيه: أن تسمع، أو أن الفعل جرد عن دلالاته عن الزمان فلم يبق إلا المصدر فيصح الغاية المستقبلة.
ويحتمل أن يقال ذلك في الغاية، وهو قوله: (حتى يبلغ)، والمعنى: حتى بلوغه لأن هذا إخبار عن حكم شرعي حكم الله في الأزل، وأنه رفع القلم عن كل من ثبت له الصبا في وقت ما حتى بلوغه، فيشمل ذلك من كان صبيا وبلغ في الماضي، ومن هو صبي الآن ويبلغ في المستقبل، ومن يصير صبيا ويبلغ بعد ذلك.
وهذه الاحتمالات كلها في التقدير إما في التجوز في الفعل الثاني أو الفعل الأول، أو الحذف - راجعة إلى معنى واحد وهو الحكم برفع القلم إلى الغاية المذكورة.
وقد تقدم من حيث ابن ماجه الذي من مسند علي: (يرفع) بصيغة الفعل المضارع فلا يرد السؤال على هذه الراوية، وإنما تكلمنا على الروايات المشهورة.
فإن قلت: ما ذكرته جميعه مبني على أن الفعل الماضي لا يجوز أن تكون غايته مستقبلة، وقد قال الله تعالى: (وَزُلزِلوا حَتّى يَقولَ الرّسولُ)
1 / 46