Ibrahim Abu Anbiya
إبراهيم أبو الأنبياء
Genres
ومن المقابلة بين صورهم وتماثيلهم، وبين الصور والتماثيل العربية في أرض بابل وغيرها يبدو الفرق واضحا بين الملامح والقسمات، فضلا عن الفروق البعيدة في الطبائع والعادات، ولكنهم لم يعرفوا باسم غير الاسم الذي أطلقه عليهم العرب الأقدمون، وهو اسم السومريين؛ أي سمر الرءوس كما جاء في وصفهم على الآثار.
والحيثيون على الأغلب آريون قدموا من الشرق إلى آسيا الصغرى قبل فجر التاريخ، ولا بد أن يكون مقدمهم إلى آسيا الصغرى بعد احتلال الساميين للهلال الخصيب بقوة لم يستطع الحيثيون أن يتغلبوا عليها، وإلا لما تجاوزوا هذه البقاع المخصبة إلى ما وراءها.
ويذهب أناس من المؤرخين المحدثين إلى أن العموريين أيضا من الأقوام التي لا تنتمي إلى سلالة سامية عربية، ومن هؤلاء المؤرخين العلامة سايس
Sayce
المشهور، وحجته في ذلك أن صورهم على معبد رمسيس تخالف في اللون والقامة صور الأقوام الأخرى من أبناء آسيا الغربية، وهي حجة لا تنهض وحدها أمام اللغة، وانقطاع الصلة بينهم وبين كل قطر من الأقطار التي يفرض الفارضون أنهم قدموا منها، ولا يعقل أنهم قدموا من أوروبة عن طريق أفريقية وهي خالية، ثم اختاروا بقاع فلسطين وسورية دون غيرها.
ولا يعقل كذلك أنهم حاربوا أبناء البلاد التي وقعت في طريقهم، وتغلبوا عليهم واجتازوهم دون أن يسلبوهم أرضهم ويستقروا فيها. وليس أقرب إلى التقدير الصحيح من مجيئهم في زمن قديم من الشرق عند وادي الفرات. ولعلهم ينتمون إلى الأرض المعروفة باسم «إمرو» هناك، ولا اعتداد بلون البشرة أو طول القامة، فلم يثبت قط أن الجو العربي منذ الأزمنة الخالية كان يستلزم السمرة والقصر، ولم يزل بين أجناس الجنوب عمالقة غير العموريين.
ذلك مجمل الحال من حيث السكان في بلاد النهرين والهلال الخصيب، فمن شرق الدجلة إلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط عشائر عربية تقيم وتترحل، وينافس بعضها بعضا على المرعى والمورد كلما ضاقت بها البقاع، أو جاءها من الجنوب وارد جديد.
وكان السلطان الأكبر على هذه العشائر للدولة التي تقوم في العراق، سواء كانت دولة الآشوريين أو الأكاديين أو البابليين، أو كانت دولة السومريين قبل هؤلاء أجمعين؛ لأن هذه العشائر تقيم وتترحل في بقاع لا تنفصل عن بقاع النهرين، وربما دخل بعض البقاع في حوزة مصر وتولاها حكام من قبل فرعون، وربما اقتدى بعض العشائر بالمصريين في العادات والعبادات، وربما انتقل بعضهم إلى مصر مرتادين أو متجرين فاقتبسوا كذلك من عاداتها وعباداتها، ولكن وحدة اللغة ووحدة المكان ووحدة العادات كانت هي الغالبة على طول الزمن؛ ولهذا كان الولاة المصريون على آسيا الغربية يكتبون إلى فرعون بالخط المسماري وعلى ألواح الطين المطبوخ، كما كان يكتب البابليون والآشوريون ...
وحدث غير مرة أيام ضعف الدول أن تجترئ العشائر القوية عليها فتهزمها، وتنشئ فيها دولتها، حدث هذا من العموريين والعيلاميين في وادي الفرات، وحدث من الرعاة الذين اشتهروا باسم الهكسوس
4
Unknown page