86

Ibrahim Abu Anbiya

إبراهيم أبو الأنبياء

Genres

وكان يكفي أن تروى الحادثة وتنسب إلى سبب خارق للطبيعة ليقول المؤرخون العلميون: إنها لم تحدث، ولا يعقل أن تحدث. ولا يقنعوا بالشك في السبب ومحاولة البحث عن سبب آخر داخل التعليلات الطبيعية ...

وكان يكفي أن يقال: إن نبيا من الأنبياء عاش ثلاثمائة سنة أو نحوها ليقال: إنه لم يوجد قط، فضلا عن أن يكون قد وجد وقد عاش أقل من عمره المذكور ...

كل هذا قد تغير في معيار البحث الحديث، أو وجب أن يتغير؛ لأنه مناقض للعلم نفسه ، عدا ما هو ظاهر من مناقضته للدين.

فقد ثبت اليوم أن الأخبار الدينية سبقت المباحث الحفرية والمقارنات العلمية إلى تقرير أحكام التاريخ التي صحت في رأي المتأخرين بالبراهين الحديثة ...

ومن أمثلة ذلك وحدة الأجناس السامية في نشأتها، فإن العلماء العصريين قد عرفوا هذه الوحدة من المقارنة بين اللغات، ومن الدراسات الأخيرة في علم السلالات البشرية، ومن تفسير الكتابة على الآثار المطمورة والهياكل المهجورة.

وهذه الدراسات جميعا من مستحدثات الزمن الأخير لم يستخرج منها العلماء دليلا موثوقا به قبل مائة سنة.

فإذا احترم العالم حكمه وتقديره، وجب أن يفهم أن كلام الأمم السامية عن وحدة أصولها يستند ولا شك إلى أصل عريق، وسند وثيق؛ لأنها تكلمت عن هذه الوحدة وهي لا تعرف شيئا من مقارنات اللغات والأحافير، ولم يكن في وسعها أن تعرف شيئا عنها قبل ألوف السنين.

فمن أين جاء لتلك الأمم أنها سلالة أصل واحد إن لم يكن لها مرجع تعول عليه، ولا يجوز للعلم رفضه وإسقاطه من الحساب؟

كذلك شاعت في القرن الماضي بدعة العلم - أو أدعياء العلم - الذين رفضوا كل خبر له علاقة بالمعجزات وخوارق الطبيعة.

فإذا قال قائل: إن هذه المدينة دمرها الله لفسادها وعدوانها على أنبيائه؛ أسرع أولئك الأدعياء فأبطلوا القصة كلها وقالوا: إنه لا مدينة ولا فساد ولا أنباء، وإن الأمر كله حديث خرافة أو تلفيق خيال ...

Unknown page