Ibrahim Abu Anbiya
إبراهيم أبو الأنبياء
Genres
وللتوحيد بين الاسمين هنا دلالة خاصة؛ فإن إيثان الإزراحي منسوب إلى زارح، وينطق في أوله على العادة في النطق بالساكن، وقد تكون الحاء والياء للنسبة كما يقولون في «مزراحي» بمعنى مصري، ويكون إيثان منسوبا إلى آزر، وهو الاسم الذي ذكر في القرآن كما سيأتي بيانه في المصادر الإسلامية.
ومن الواجب أن يلتفت هنا إلى المقاربة بين زارح وزارع وتارح، وقد تقدم أن لاسم تارح علاقة بحبوب الزرع التي تلتقط قبل تمكنها من التربة.
فلا محل إذن لنقد الاسم كما جاء في القرآن الكريم اعتمادا على ذلك الاختلاف اليسير في اللفظ القديم، وقد ذكر يوسبيوس
Eusobius ، المؤرخ المسيحي اليوناني، أن أبا إبراهيم الخليل يدعى آثر، وزعم بعضهم - ومنهم سنكلر تسديل، صاحب كتاب مصادر الإسلام، وهو من أشد المتعصبين قدحا في الإسلام - أن للاسم أصلا في الفارسية القديمة بمعنى النار. •••
ومن الاختلاف في الأخبار المدراشية التي اتصلت بالتاريخ: أن بعضها أنكر أن يقال عن الخليل: إنه عالم بالنجوم، ردا على الربيين الأقدمين الذين زعموا أنه كان يحمل في قلبه زيجا فلكيا يكشف به الغيب لمن يسألونه من ملوك الشرق والغرب، فقال صاحب «مدراش رباه»: إنه نبي وليس بمنجم. واتصلت هذه الروايات المدراشية بالتاريخ فقال يوسيفوس، المؤرخ الإسرائيلي المشهور: إن الخليل درس علم النجوم، ولكن في مصر لا في بابل. واستند في ذلك على رواية أرتبانوس
Artapanus ، الذي زعم أنه أقام بمصر عشرين سنة، واطلع على أسرار الكهانة وعلم الفلك وطوالع النجوم. وفي قصة أخرى لم يذكرها يوسيفوس يقال: إن إبراهيم هو الذي علم المصريين الفلك والتنجيم.
ولكن كتب المدراش تتفق على وصف الخليل بالسماحة والكرم والعطف على خلق الله من الإنسان والحيوان، ومن أحاديثها في ذلك أن إبراهيم سأل ملكي صادق: كيف خرجت سالما من سفينة نوح؟ فقال له: بالخير الذي فعلناه.
قال إبراهيم: وما الخير الذي تفعله في سفينته؟ هل كان في السفينة من فقير تسدي إليه المعروف؟ إن نوحا قد حمل معه بنيه؛ فهل كان فيهم فقير؟ قال ملكي صادق: بل كان معنا الحيوان والطير، وكنا لا ننام حتى نطعمها ونسقيها.
وقد عاش إبراهيم حياته يطعم الفقير، ويحسن إلى الإنسان والحيوان، ويفتح بابه للضيفان، ولا يجلس إلى الطعام إلا إذا نادى على الرائح والغادي في الطريق ليجلس معه إلى طعامه.
وما من علامة أدل على صدق النسب إلى إبراهيم من نظرة سليمة «لا تحسد»، ونفس مطمئنة، وقلب وديع.
Unknown page