190

صلى الله عليه وسلم : «إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر».»

6

وضرب بعد هذا مثلا لتولية القوي في الحرب، بتولية الرسول

صلى الله عليه وسلم

سيدنا خالد بن الوليد عليها، وقوله فيه: «إن خالدا سيف سله الله على المشركين»، مع أنه أحيانا كان يعمل ما ينكره عليه، حتى إنه مرة رفع يديه إلى السماء، وقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد!» وذلك حين أرسله إلى جذيمة فقتلهم وأخذ أموالهم بنوع شبهة، فوداهم النبي عليه الصلاة السلام، ومع هذا فما زال يقدمه في إمارة الحرب؛ لأنه كان أصلح في هذا الباب من غيره، وقد كان منه ما كان بنوع تأويل.

وإذا كان في الولاية للحروب تكون الحاجة فيها إلى الجلد والقوة أشد وأظهر وألزم، فإنه في ولايات أخرى تكون الأمانة ألزم فيقدم صاحبها وإن كان فيه ضعف. والأمانة ترجع - كما يذكر الإمام - إلى خصال ثلاث: خشية الله، وألا يشتري بآياته ثمنا قليلا، ترك خشية الناس.

وهذه الخصال، التي هي عند الله مناط الحكم على الناس وما يعملون، جمعتها هذه الآية:

فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون .

7

ومن الأعمال التي يقدم فيها الأمين؛ لأن الحاجة فيها إلى الأمانة أشد، ولاية حفظ الأموال ونحوها، وإن كان استخراج الأموال ممن هي عليهم، ثم حفظها كاملة لتنفق في مصالح الأمة، لا بد فيه من قوة وأمانة، وحينئذ، يولى عليها عامل قوي يستخرجها بقوته، وكاتب أمين يحفظها بخبرته وأمانته. «وهكذا في سائر الولايات إذا لم تتم المصلحة برجل واحد، جمع بين عدد، فلا بد من ترجيح الأصلح، أو تعدد المولى إذا لم تقع الكفاية بواحد.»

Unknown page