115

وبعد هذه البحوث وأمثالها المتعلقة بالقياس والخلاف الشديد فيه،

16

وبعد أن نقد كلا من الطرفين - الذين غلوا في الأخذ بالقياس، والذين غلوا في رفضه - نقول إنه بعد ذلك كله، ذكر بأن في نصوص الكتاب والسنة بيانا للأحكام الشرعية كلها، والقياس الصحيح مع هذا حق مطابق للنصوص، وليس في الشريعة شيء على خلاف القياس.

17 •••

هذا، وإذا كان ابن تيمية قد أخذ بالقياس الصحيح، وجعله أصلا من أصول الفقه، فإن هذا يوجب عليه بيان العلة التي بسببها نعطي للفرع حكم الأصل المقيس عليه.

وإذا كان قد رأى أن القياس المعتبر لا بد أن يطابق نصا من النصوص، كان لا بد له من الذهاب إلى اشتمال نصوص الكتاب والسنة على جميع الأحكام الشرعية جملة وتفصيلا.

وإذا كان قد قرر أن هذا القياس الصحيح لا تأتي الشريعة بخلافه قط، كان عليه بيان رأيه فيما يقال عن كثير من الأحكام التشريعية أنها ثبتت على خلاف القياس.

تلك مسائل ثلاث كان لزاما على شيخ الإسلام أن يتناولها بالبحث والبيان، وقد فعل رحمه الله تعالى، ونحن نتكلم عنها على هذا الترتيب:

الأولى:

علة القياس عند الفقهاء الأحناف ومن سلك طريقهم، هي الوصف الظاهر المنضبط المناسب الذي يبنى عليه الحكم الشرعي لأنه مظنته. وقرروا بعد تعريف العلة على هذا النحو أن تدور الأحكام الشرعية مع عللها وجودا وعدما.

Unknown page