118

Ibn Rumi

ابن الرومي: حياته من شعره

Genres

فيا لك من جان علي جناية

جعلت إليه من جنايته الفزع

ولا يبعد أن يكون هذا صحيحا بعض الصحة، وأن خوفه البرد والحر كان من أسباب ملازمته العمامة، وإن لم يكن هو كل السبب، فقد كان يكابد في الصيف نصبا كما قال لبعض ممدوحيه: «يا عليما بما أكابد فيه.»

10

وكان مرهف الحس جدا، فكان أهون مس يهيج أعصابه ويستفز خلقه، بل كانت الرائحة إذا قويت تؤذيه وتصدعه؛ فلهذا كان يذم الورد ويمدح النرجس كما جاء في فصل التلطف من كتاب الصناعتين، ومن بلغ منه التقزز هذا المبلغ لم يبعد أن يلبس العمامة لاتقاء الحر والبرد، ولم يبعد كذلك أن يكون ضعيف الشعر فطرة، وأن يصيبه الشيب والصلع لأضعف سبب.

أما مشيته فقد تولى هو وصفها لنا على طريقته التي لا تدع شيئا من تمثيل الشكل والحركة، فعلمنا أنه كان يختلج في مشيته كأنه يحمل بين يديه غربالا يديره.

إن لي مشية أغربل فيها

آمنا أن أساقط الأسفاطا

وهذه المشية معروفة تدل عليها حركة الغربلة، وتكثر فيمن بهم خلل في العصب أو العضل، وفي ديوانه أبيات يهجو بها أخا نضر الجهبذ؛ لأن نضرا أراد أن يزوجه بنته، فمنعه من ذلك أخوه وقال له: أما تنظر إلى مشيته مثل مشية المخنثين؟!

ونحسب أننا في غنى بعد هذا عن شواهد أخرى على حظه من الصحة وقوة التركيب في شبابه ومشيبه، ولكننا لا نحب أن نحدس إذا أمكن أن نجزم، فالرجل يقول في صباه:

Unknown page